إنه (١) لا يوجب اليقين بارتفاع أحكامها بتمامها ، ضرورة (٢) : أن قضية نسخ الشريعة ليس ارتفاعها كذلك (٣) ؛ بل عدم بقائها بتمامها ، ...
______________________________________________________
شك في بقائها حتى تستصحب. ولكنه ممنوع ؛ إذ ليس معنى نسخ شريعة رفع تمام أحكامها بنحو السلب الكلي ؛ بل معنى نسخها رفعها بنحو رفع الإيجاب الكلي ، فيصدق نسخ شريعة بنسخ جملة من أحكامها ، ففي الحكم الذي لم يعلم نسخه يجري الاستصحاب.
ثم إن الشيخ «قدسسره» أجاب أيضا عن الإشكال بهذا الوجه ، حيث قال : «وفيه أنه إن أريد نسخ كل حكم إلهي من أحكام الشريعة السابقة ، فهو ممنوع. وإن أريد نسخ البعض ، فالمتيقن من المنسوخ ما علم بالدليل ، فيبقى غيره على ما كان عليه ولو بحكم الاستصحاب».
(١) يعني : إلّا إن اليقين بالنسخ لا يوجب اليقين بارتفاع أحكام الشريعة السابقة بتمامها بحيث لا يبقى شك في بقاء حكم منها حتى لا يجري فيه الاستصحاب. وضمير «أحكامها» راجع إلى «الشريعة» ، وضمير «بتمامها» إلى «أحكامها».
(٢) تعليل لعدم كون نسخ شريعة رفع جميع أحكامها بحيث لا يبقى شيء منها.
توضيحه : أن نسخ الشريعة وإن كان بمعنى رفعها ، ورفع الشيء عن صفحة الوجود ظاهر في إعدامه بتمامه ، فإذا كان الشيء مرآة لعدة أمور كالشريعة ، فرفعه عبارة عن رفع تمام تلك الأمور ، وليس هذا كالمركب الذي ينتفي بانتفاء بعض أجزائه ؛ لأن المنفي وهو المركب كما يصدق على انتفاء كله كذلك يصدق على انتفاء بعضه ، بداهة : تقوّم عنوان المركب بتمام أجزائه ، فإذا انتفى جزء منه صدق انتفاء المركب. وعليه : فنسخ الشريعة ـ التي هي عنوان مشير إلى عدة أحكام إلهية ـ عبارة عن رفع تمام أحكامها بنحو السلب الكلي كما أراده المستشكل.
لكنه يرفع اليد عن هذا الظاهر بلحاظ ما ورد في اتحاد بعض ما في هذه الشريعة مع ما في الشرائع السابقة من الأحكام ، فإنه يدل على أن المراد مما دل على نسخ هذه الشريعة لما قبلها من الشرائع هو عدم بقاء تمام أحكام الشريعة المنسوخة بنحو رفع الإيجاب الكلي الذي لا ينافي الإيجاب الجزئي ، لا أن المراد : رفع جميع أحكامها بنحو السلب الكلي بحيث علم بارتفاع جميعها حتى يختل ثاني ركني الاستصحاب ، وهو الشك في البقاء كما يدعيه صاحب الفصول «قدسسره».
(٣) أي : بتمامها ، بل مقتضى نسخ الشريعة هو عدم بقاء الشريعة المنسوخة بتمامها ، ومن المعلوم : صدق نسخها برفع جملة من أحكامها وبقاء بعضها ، فقوله : «بل» في