الطرق والأمارات ، فإن (١) الطريق أو الأمارة حيث إنه كما يحكي (٢) عن المؤدى ويشير إليه ، كذا يحكي عن أطرافه من ملزومه ولوازمه وملازماته ، ويشير (٣) إليها ،
______________________________________________________
هذا الشيء طاهر ، وليس هناك علم بلازمه ولا تعبد بالنسبة إليه ، فلو كان لازم هذا الشيء نجاسته شيء آخر لم يكن دليل شرعي أو عقلي على ذلك اللازم ، ولذا لا يقال بترتيب ذلك اللازم على مجرد هذا الأصل.
وهذا بخلاف الطرق والأمارات ، فإنها جعلت كاشفة عن الواقع ، ففي كون خبر الواحد حجة أن مفاده هو الواقع ، كما أن معنى كون البيّنة حجة أن قولها هو الواقع ، فإذا قاما على شيء كان ذلك الشيء ثابتا ـ تعبدا ـ وكما أنه يترتب على ذلك الشيء لازمه وملازمه كذلك يترتب على وجوده التعبدي ، فلو دل الدليل على أن صلاة الظهر يوم الجمعة واجبة ، وهناك دليل آخر على أنه لا صلاتين في يوم واحد كان ذلك مقتضيا لعدم وجوب الجمعة ، فكما أنه لو علمنا بمفاد هذين الخبرين لم تجب الجمعة ، كذلك إذا كشف لنا الشارع عنهما بالتعبد.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح الفرق بين مثبتات الأصول ومثبتات الأمارات.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) هذا شروع في بيان وجه الفرق بين الأصول العملية وبين الطرق والأمارات ، وقد مر توضيح ذلك مفصلا.
(٢) حكايته إنما هي لأجل دلالته على المؤدى ، وكشفه عنه ، والدلالة على الملزوم دلالة على اللازم ، فكما يحكي الطريق عن المؤدى مطابقة فكذلك يحكي عن لوازمه وملازماته وملزومه التزاما ، فالحكاية في الأمارة وإن كانت واحدة صورة لكنها تنحل إلى حكايات متعددة لبّا بحسب ما للمحكي من الملزوم واللازم والملازم.
وعليه : فيشمل دليل اعتبار الخبر كل واحدة من هذه الحكايات.
وضمائر «إليه ، أطرافه ، ملزومه ، لوازمه ، ملازماته» راجعة إلى «المؤدى» ، والأولى تأنيثها ، لرجوعها إلى المؤنث وهو «الأمارة والطريق» التي هي أيضا مؤنث مجازي.
(٣) معطوف على «يحكي» ، وضمير «إليها» راجع إلى «أطرافه» ، والمراد بحكاية الطريق كما قيل هو دلالتها على المؤدى وكشفها عنه ، لا ظاهره حتى يرد عليه : أنه ربما لا يكون المخبر ملتفتا إلى لوازم المؤدى ، ومع عدم الالتفات كيف يحكي عنها ؛ إلّا إن تفسير الحكاية بالدلالة خلاف الظاهر.
وقوله : «كان مقتضى إطلاق ...» الخ جواب : «حيث» وإشارة إلى الجهة الثانية