توهم (١) ، بتخيّل أن الشرطية أو المانعية ليست من الآثار الشرعية ؛ بل (٢) من الأمور الانتزاعية ، فافهم (٣).
______________________________________________________
(١) المتوهم : هو الشيخ «قدسسره». لا يخفى : أن الشيخ ممن صرح في غير موضع : بأن الجزئية والشرطية والمانعية ليست مجعولة بجعل مستقل مغاير للحكم التكليفي المتعلق بالمركب كالصلاة ، قال عند نقل حجية القول السابع من أقوال الاستصحاب : «وكذا الكلام في غير السبب ، فإن شرطية الطهارة للصلاة ليست مجعولة بجعل مغاير لإنشاء وجوب الصلاة الواقعة حال الطهارة ، وكذا مانعية النجاسة ليست إلّا منتزعة من المنع عن الصلاة في النجس. وكذا الجزئية منتزعة من الأمر بالمركب» (١) وقريب منه عباراته في الأقل والأكثر الارتباطيين ، وفي مسألة ترك الجزء سهوا.
(٢) يعني : بل تخيل أن هذه الأمور الانتزاعية ليست من الآثار الشرعية ، فلا تثبت بالاستصحاب إلّا بناء على الأصل المثبت.
والفرق بين الآثار الشرعية والأمور الانتزاعية واضح ؛ إذ المجعول الشرعي موجود في وعاء الاعتبار ، بخلاف الأمر الانتزاعي ، فإنه موجود تصوري محض ينعدم بمجرد الذهول عنه.
هذا بالنسبة إلى الشرطية والمانعية للمكلف به.
وأما شرط التكليف ومانعة إذا فرض الظفر بمقتضيه ، وشك فيهما ، ففي جريان الاستصحاب فيه إشكال تعرض له ولجوابه في الحاشية فراجع.
(٣) لعله إشارة إلى أنه بعد تسليم اعتبار مجعولية الأثر بنفسه ، وعدم كفاية كونه مجعولا بتبع منشأ انتزاعه نقول بعدم مانع أيضا من جريان استصحاب الجزء والشرط والمانع ، ضرورة : أن الأثر الشرعي المترتب على استصحابها هو التكليف النفسي المنتزع عنه الجزئية والشرطية والمانعية.
أو إشارة إلى : أن مراد الشيخ من نفي مجعولية الجزئية والشرطية ونحوهما هو نفي استقلال الجعل عنها لا نفي أصل الجعل ولو تبعا لمنشا انتزاعها ، فيتحد حينئذ مراد الشيخ والمصنف «قدسسرهما» ؛ لكنه بعيد ؛ لأن كلام الشيخ في مسألة ترك الجزء سهوا يأبى عن هذا التوجيه حيث قال هناك : إن جزئية السورة ليست من الأحكام المجعولة لها شرعا ؛ بل هي ككلية الكل ، وإنما المجعول الشرعي وجوب الكل ، ضرورة : أن كلية الكل منتزعة عن دخل اجتماع أمور في غرض كالمعاجين ، من دون دخل للحكم الشرعي في
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ١٢٦.