ثم إنه ذكر (١) لأصل البراءة شرطان آخران : أحدهما : أن لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى.
______________________________________________________
التمام ـ مشروط بالعزم على عصيان أمر القصر ، فالعزم على عصيانه يوجب أمرين : أحدهما : استحقاق العقوبة لتركه المأمور به اختيارا بترك الفحص والتعلم ، والآخر : تعلق الأمر بصلاة التمام ؛ لتحقق موضوعه ، ولا مانع من تعلق الأمر بالضدين بنحو الترتب ، وعليه : فيكون التمام مأمورا به.
ولكن الترتب باطل ؛ لكونه مستلزما لطلب الضدين ، فيلزم التكليف بالمحال وهو باطل.
١٥ ـ نظريات المصنف «قدسسره» :
١ ـ حسن الاحتياط مطلقا إلا أن يكون موجبا لاختلال النظام.
٢ ـ اعتبار الفحص في البراءة العقلية.
٣ ـ اعتبار الفحص في التخيير العقلي.
٤ ـ اعتبار الفحص في البراءة الشرعية بالآيات والروايات.
٥ ـ استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع عند الرجوع إلى البراءة من دون فحص.
٦ ـ المدار في صحة المعاملة عند ترك الفحص هو الموافقة للواقع.
٧ ـ المعيار في صحة العبادة الموافقة للواقع مع قصد القربة.
٨ ـ بطلان الترتب.
(١) الذاكر هو : الفاضل التوني في محكي الوافية (١) ، ونسب إلى الفاضل النراقي أيضا ، ولا اختصاص للبراءة بهذين الشرطين ، بل يشترك فيه جميع الأصول العدمية ، فإذا وقعت نجاسة في أحد الإناءين ، كان إجراء أصالة الطهارة في أحدهما معناه الحكم بنجاسة الإناء الآخر ووجوب الاجتناب عنه ، فالأصل هنا أوجب ثبوت حكم شرعي لغير مجراه ، وهذا معنى قوله : «من جهة أخرى» ، وكذا لو وقعت نجاسته في ماء مشكوك الكرية فإن إجراء أصالة عدم الكرية موجب لإثبات القلة والنجاسة ، فمثل هذين الأصلين لا يجريان لأنهما موجبان لإثبات حكم شرعي آخر.
وكيف كان ؛ فشأن أصالة البراءة هو نفي الحكم لا إثباته ، لأن المستفاد من أدلتها هو : أنها مسوقة للامتنان ، وكون إجرائها مستلزما لثبوت حكم آخر مناف لذلك ، فلا يجري في مثل ما إذا كان لشخص مال وشك في وجود الدين ؛ بحيث يصير مستطيعا بذاك المال
__________________
(١) الوافية في أصول الفقه : ٢١.