محالة تكون جارية (١) ، وعدم (٢) استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية والإباحة (٣) أو رفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية ، لو كان (٤) موضوعا لحكم شرعي أو ملازما
______________________________________________________
وأخرى : يكون أمرا واقعيا ، كما إذا ترتب على عدم الحكم واقعا لا ظاهرا ولا أعم من الواقع والظاهر ، كما إذا فرض أن موضوع وجوب الحج ملكية الزاد والراحلة مع عدم الدين واقعا ، فإن إجراء البراءة عن الدين لا يثبت وجوب الحج لعدم إحراز موضوعه وهو عدم الدين واقعا ، فعدم ترتب الحكم الشرعي على البراءة الشرعية في مثل هذا المثال إنما هو لعدم تحقق موضوعه وهو عدم الدين واقعا ، حيث إن أصل البراءة لا يحرز الواقع.
فالمتحصل : أن موضوع الحكم الشرعي إن كان أعم من الواقع والظاهر ، فلا محالة يترتب عليه حكمه بمجرد جريان أصل البراءة فيه ؛ كترتب سائر الأحكام عند تحقق موضوعاتها ، وإن كان خصوص الواقع لا يترتب الحكم على البراءة ، لعدم إحراز موضوعه ، فلا محصل للشرط الأول الذي ذكره الفاضل التوني «رحمهالله» ؛ إذ على تقدير : لا محيص عن ثبوت الحكم ، لتحقق موضوعه بالبراءة ، وعلى تقدير آخر : لا موضوع لذلك الحكم حتى يثبت بالبراءة.
فإن كان غرض الفاضل التوني «رحمهالله» عدم جريان البراءة بعد الفحص في الصورة الأولى ـ وهي كون موضوع الحكم الشرعي أعم من الواقع والظاهر ـ فهو خلاف أدلتها ، وإن كان غرضه جريانها بدون ترتب الحكم الشرعي عليها فهو خلاف دليل ذلك الحكم وطرح له بلا موجب.
(١) لإطلاق أدلة البراءة النقلية الذي لم يقيد إلا بالفحص المفروض تحققه ، ولاحتمال عدم دخل شيء في البراءة العقلية إلا الفحص ، فبعد حصوله لا وجه للتوقف في جريانها.
(٢) مبتدأ خبره «لو كان» ، والجملة مستأنفة و «الثابت» صفة ل «عدم».
(٣) عطف على «عدم» ، وقوله : «ورفع» عطف على «الإبادة» ، و «الثابت» صفة ل «الإباحة ورفع» والأولى تثنيته ، بأن يقال : «الثابتان» والتعبير بالإباحة تارة وبالرفع أخرى ، لرعاية مدلول أخبار البراءة ، لظهور حديث الحل في جعل الإباحة الظاهرية ، وحديث الرفع في مجرد نفي الإلزام المجهول.
(٤) يعني : لو كان عدم استحقاق العقوبة والإباحة موضوعا لحكم شرعي كإباحة شرب التتن ولو ظاهرا التي هي موضوع جواز البيع كما تقدم آنفا ، أو ملازما لحكم شرعي ، كما إذا دخل وقت الفريضة وشك في اشتغال ذمته بواجب فوري كأداء دين من