ولا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب (١) لثبوت (٢) المقتضى فيهما مع (٣) تواردهما ، لا من باب التعارض ، لعدم ...
______________________________________________________
إنها لا تجري فيما يلزم من إجرائها خلاف الامتنان ، فدليل نفي الضرر لا يشمل المورد الذي يلزم من جريانه فيه الحرج ، وكذا دليل الحرج قاصر عن شموله المورد يلزم الضرر من جريانه فيه ، فلا إطلاق في دليلي هذين العارضين حتى يتمسك به لإثبات المقتضى في مورد الدوران.
وبالجملة : إن كان ترديد المصنف بين التعارض والتزاحم من جهة استلزام جريانها لخلاف الامتنان الموجب لقصور المقتضي عن الشمول لموارد الدوران فله وجه ، فتدبر ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٦ ، ص ٥٢٩».
قوله : «وإلّا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى» أي : وإن كانا من باب تزاحم المقتضيين قدّم ما هو الأقوى ملاكا على غيره ؛ لأنه المرجح في باب التزاحم ، والأولى من صاحبه في التأثير كمصلحة إنقاذ العالم الورع التي أهم من مصلحة إنقاذ المؤمن الجاهل ، وأهمية الملاك مرجحة توجب التقدم وإن كان دليل الآخر بحسب الجهات المعتبرة في الحجية أولى ؛ وذلك لاختصاص تلك الجهات بباب التعارض ، وعدم شمولها لباب التزاحم ، فالترجيح بالسند ونحوه لا يجري في باب التزاحم.
والمراد من قوله : «أولى» هو الأولى من حيث الدليلية.
(١) يعني : باب التزاحم ، وغرضه من قوله : «ولا يبعد» : التعرض لمقام الإثبات بعد احتمال كل من التعارض والتزاحم ثبوتا ، وقال : إن غلبة ثبوت المقتضي في توارد العارضين أي : العنوانين الثانويين توجب اندراجهما في باب التزاحم وجريان أحكامه عليهما.
(٢) تعليل للغلبة المزبورة ، وحاصله : أن ثبوت المقتضي في العارضين غالبا في حال تواردهما دليل على كونهما من صغريات كبرى التزاحم ، دون التعارض الذي يكون المقتضي فيه في أحد الدليلين لا كليهما والضمير المستتر في «يكون» الذي هو اسمه راجع على «توارد».
(٣) متعلق ب «لثبوت» ، وضميرا «فيهما ، تواردهما» راجعان على «العارضين».
وغرضه : أن المقتضى في كل من العارضين في حال تواردهما على مورد ثابت ـ كثبوته فيهما حال انفراد كل منهما عن الآخر وثبوته فيهما حال التوارد ـ أوجب اندراجهما في باب التزاحم. وقوله : «لا من باب» عطف على «ذاك الباب».