اللهم إلّا أن يقال (١) : إن نفي الضرر وإن كان للمنّة ؛ إلّا إنه (٢) بلحاظ نوع الأمة واختيار الأقل بلحاظ النوع منه ، فتأمل (٣).
______________________________________________________
بمعارضته بالقاعدة الجارية في ضرر نفسه ؛ وذلك لعدم توجه الضرر إلى الغير من ناحية الحكم الشرعي حتى يرتفع بقاعدة ؛ بل الضرر أولا وبالذات متوجه إلى نفسه وصاحبه أجنبي عنه. وضميرا «دفعه ، بإيراده» راجعان على الضرر.
والأولى أن يقال : «فليس له» لكونه من موارد لزوم اقتران الجزاء بالفاء.
(١) هذا استدراك على قوله : «ولا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر».
وغرضه : أنه يمكن أن يقال باندراج دوران الضرر بين شخصين ـ الذي قلنا فيه : بعدم لزوم تحمل الضرر عن الغير وإن كان ضرره أكثر ؛ إذ لا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر ، بل في تحمل حرج ومشقة ـ في تعارض ضرري شخص واحد ببيان أن يلاحظ مجموع الأمة بمنزلة شخص واحد ، فحينئذ : يتحقق الامتنان برفع أكثر الضررين. وأما إذا لوحظ كل واحد من الأمة بالاستقلال ؛ كما كان ذلك مبنى قوله : «ولا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر» فلا وجه لتحمل الضرر عن الغير كما تقدم.
ثم إن ما أفاده من احتمال ملاحظة مجموع الأمة شخصا واحدا ذكره الشيخ الأنصاري في الرسالة المستقلة ؛ لكن المصنف تأمل فيه.
(٢) أي : المنّة بتأويلها بالامتنان ، وضمير «منه» راجع على «الأمة».
(٣) الظاهر : أنه إشارة إلى فساد لحاظ مجموع الأمة شخصا واحدا بعد وضوح : كون قاعدة الضرر كسائر القواعد الشرعية ، ووضوح : كون الأحكام انحلالية ؛ بحيث يكون كل واحد من الأشخاص بالاستقلال مكلفا.
وعليه : فلا بد من المصير إلى ما ذكره قبل ذلك من أنه لا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر ، هذا.
وتلخص مما أفاده المصنف «قدسسره» في تعارض ضرري شخص واحد أو شخصين : أنه إن كان أحدهما أقل فهو المختار ، وإلّا فالحكم التخيير ، وفي تعارض ضرر نفسه مع ضرر غيره عدم تحمل الضرر عن الغير وإن كان كثيرا ، وفي الضرر المتوجه إلى نفسه عدم إيراده على الغير.
هذا تمام الكلام في قاعدة لا ضرر ، ويليه بحث الاستصحاب وتركنا تطويل الكلام في المقام رعاية للاختصار.