بل يحسن (١) أيضا فيما قامت الحجة (٢) على البراءة عن التكليف ؛ لئلا (٣) يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة وفوت المصلحة.
______________________________________________________
يرون حسن من يأتي بأوامر المولى على نحو الاحتياط ـ مطلقا ـ
ألا ترى أن المولى لو أمر بدق مسمار في الحائط فدق العبد في كل مكان من الحائط مسمارا ؛ كان له حق العقاب؟ لا من جهة كونه تصرفا غير جائز ، لغرض : كون الحائط والمسمار مباحين ؛ بل من جهة أنه لعب وعبث ، وكذلك لو أمر بالذهاب إلى دار زيد فذهب إلى عشر دور احتياطا مع التمكن من تحصيل الواقع بلا تكلف وحرج وهكذا.
ولعل السرّ : أن الامتثال عبارة عن إطاعة المولى في أوامره بقدره ، فكما أن النقصان خلاف الأمر كذلك الزيادة ، فلو أمر ولده بالإتيان بإناء فلم يعرف الولد الإناء المراد ولم يسأل مع إمكانه ، ثم أتى بكل إناء في البيت ، كان للأب عقابه عرفا لعمله.
أو إشارة إلى منع التكرار في العبادة ، وأنه لعب في ذات العبادة لا في كيفية الامتثال ؛ إذ فرق بين الزمان والمكان مما هو خارج عن حقيقة العبادة ، وبين التعدد مما هو نفس العبادة.
(١) عطف على «بل يحسن على كل حال» ، يعني : كما أن الاحتياط يحسن في موارد عدم قيام الحجة على نفي التكليف كالشبهات البدوية الوجوبية أو التحريمية الناشئة عن فقد الدليل على التكليف ، كذلك يحسن في موارد قيام الحجة على عدم التكليف ، كنهوض أمارة معتبرة على جواز شرب التتن ، أو عدم وجوب السورة في الصلاة مع العلم بعدم مانعيتها.
(٢) أي : الحجة غير العلمية ، بقرينة قوله «قدسسره» : «فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته» ، فإن فرض الثبوت واحتماله إنما يكون في الحجة غير العلمية. مضافا إلى : أنه لا معنى للاحتياط مع العلم بالواقع.
وبالجملة : المقصود حسن الاحتياط في موارد قيام الأمارة غير العلمية على عدم التكليف.
(٣) تعليل لحسن الاحتياط في موارد قيام الحجة على عدم التكليف ، وحاصله : أن موضوع الاحتياط ـ وهو احتمال ثبوت الحكم واقعا مع قيام الحجة غير العلمية على عدم التكليف ـ موجود لاحتمال خطئها كاحتمال وجود الحكم مع خلوّ الواقعة عن الدليل على حكمها نفيا وإثباتا ؛ إذ ملاك حسنه عقلا وهو الانقياد في كلتا الصورتين حاصل ، بداهة : احتمال ثبوت الحكم مع قيام الحجة على عدمه ، فلا مانع من الاحتياط بقراءة