لم يكن بهذا الداعي (١) ، وكان (٢) أصل إتيانه بداعي أمر مولاه بلا داع له سواه لما ينافي قصد الامتثال وإن كان لاعبا في كيفية امتثاله فافهم.
______________________________________________________
(١) أي : داع صحيح عقلائي ، وضمير «أنه» راجع على التكرار أو للشأن.
لا يخفى : أن الترتيب الطبيعي يقتضي تقديم هذا الجواب على الأول ؛ بأن يقال : «فاسد أولا : بعدم منافاة التكرار لقصد الامتثال ، وثانيا : بإمكان نشوء التكرار من غرض عقلائي على تقدير منافاته له».
(٢) أي : ولكن «كان أصل إتيانه بداعي أمر مولاه بلا داع سواه» ؛ بأن كان داعيه إلى الصلاة أمر الشارع ولكن داعيه إلى التكرار مجرد العبث ، كما لو كان داعي المأمور في إتيانه بالكتاب أمر المولى ـ فيما لو أمر بإحضار كتاب الشرائع مثلا ـ لكنه أتى بعشرة كتب فيما بينها كتاب الشرائع ، فإنه يكون ممتثلا وإن كان لاعبا في طريق الامتثال ، فإنه لو كان قصده من أصل العمل أمر المولى «لما ينافي» التكرار «قصد الامتثال وإن كان لاعبا في كيفية امتثاله» ، فإن أصل الامتثال شيء وطريق الامتثال شيء آخر ، فالزمان المعين كأول الظهر ، والمكان المعي ؛ ككون الإتيان في المسجد ، والكيفية المعينة ككونها بجماعة أو في لباس خاص أو نحو ذلك كلها من طرائق الامتثال ، وليست من أصل الامتثال ، وكذلك المرة والتكرار فما طريقان للامتثال وليسا نفس الامتثال ، وضميرا «مولاه ، له» راجعان على المكلف المفهوم من الكلام ، وضمير «إتيانه» راجع على الفعل المستفاد من العبارة.
وقوله : «لما ينافى» جواب «لو» يعني : لو كان أصل الإتيان بداعي أمر المولى لم يكن التكرار غير الناشئ عن غرض عقلائي منافيا بقصد الامتثال وقادحا في حسن الاحتياط المستلزم للتكرار ؛ إذ اللعب إنما هو في كيفية الإطاعة لا في نفسها ؛ إذ المفروض : كون الإتيان بالمحتملات ناشئا من أمر المولى.
قوله : «فافهم» لعله إشارة إلى صحة هذا الجواب ، فإنه لا يلزم اللعب في كيفية الامتثال أيضا ، حيث إن كل عمل ناشئ عن داعي الأمر المحتمل ، ومن المعلوم : أن انبعاث العمل عن الأمر المحتمل انقياد وهو حسن عقلا ، فكيف ينطبق عليه عنوان اللعب الذي هو داع شيطاني وهو مضاد لعنوان الانقياد الذي هو داع رحماني؟
ومنه يظهر : عدم اللعب في الجمع بين المحتملات أيضا ، بداهة : أن الجمع أيضا يكون ناشئا عن داع إلهي ، وهو إطاعة أمره.
ولعل قوله : «فافهم» : إشارة إلى الإشكال في أصل حسن الاحتياط ، فإن العرف لا