وتوهم (١) : كون التكرار عبثا ولعبا بأمر المولى وهو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة فاسد (١) ؛ لوضوح : أن التكرار ربما يكون بداع صحيح عقلائي (٣) ، مع أنه لو
______________________________________________________
وقد نسب إنكار حسن الاحتياط المستلزم لتكرار العبادة إلى صاحب الحدائق ، وضمير «فيها» راجع على العبادات.
(١) هذا أحد الوجوه التي نوقش بها في حسن الاحتياط المستلزم لتكرار العبادة ، ومحصله : أن التكرار عبث لا يترتب عليه غرض عقلائي ، ولعب بأمر المولى ، وهو ينافي قصد القربة أي : امتثال أمره المعتبر في العبادة.
وعليه : فمع التكرار لا يحصل ما هو قوام العبادة من قصد القربة ، وهذا الوجه يوجب امتناع الاحتياط في العبادات ، وضمير «هو» راجع على التكرار.
(٢) خبر «وتوهم» ودفع له بوجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «لوضوح» ، «وحاصله : أن التكرار ليس لازما مساويا للعبثية المنافية لقصد الامتثال ؛ لإمكان نشوئه عن غرض عقلائي ، كما إذا كان التكرار موجبا لتعوده على العبادة أو دافعا لضرر عدو عن نفسه إذا استحيا العدوّ من الإضرار به ما دام مصليا ، أو كان الفحص والسؤال للذل والمهانة ، أو غير ذلك من الأغراض العقلائية الموجبة لتكرار العبادة المخرجة له عن العبثية المنافية لقصد الامتثال المعتبر في العبادة» (١).
وبالجملة : فالعبثية لا تصلح لأن تكون مانعة عن حسن الاحتياط المستلزم لتكرار العبادة ؛ لكونها أخص من المدعى كما لا يخفى.
ثانيهما : ما أشار إليه بقوله : «مع أنه لو لم يكن». ومحصله : أن مناط القربة المعتبرة في العبادة هو إتيان الفعل بداعي أمر المولى ؛ بحيث لا يكون له داع سواه ، فلو أتى بهذا الداعي فقد أدى وظيفته وإن لم يكن التكرار ناشئا من غرض عقلائي وكان لعبا في كيفية الامتثال ؛ لكنه لا ينافي قصد الإطاعة ، حيث إن حقيقتها كما عرفت هي الانبعاث إلى الفعل عن بعث المولى ، وتحركه عن تحريكه ، والمفروض تحققها.
(٣) يمكن أن يريد منكر حسن الاحتياط المستلزم للتكرار عبثية هذا الاحتياط بنظر العقل مع التمكن من الامتثال العلمي التفصيلي ، وأن الاحتياط ليس امتثالا عقلا ، والغرض العقلائي من التكرار لا يسوغه ولا يدرجه تحت عنوان الإطاعة أصلا. وعليه : فلا يندفع الإشكال بوجود الغرض العقلائي من التكرار كما يقول به من يلتزم بترتب مراتب الإطاعة وطوليتها كما لا يخفى.
__________________
(١) منتهى الدراية ٦ : ٣٧٩.