إلا (١) إذا كان موجبا لاختلال النظام.
ولا تفاوت فيه (٢) بين المعاملات والعبادات مطلقا ، ولو (٣) كان موجبا للتكرار فيها.
______________________________________________________
أي : سواء أقامت حجة غير علمية على خلافه أم لا ، وسواء كان احتمال الحكم الواقعي قويا أم ضعيفا ، وسواء كان قبل الفحص أم بعده ؛ وسواء كان الاحتياط حقيقيا أم إضافيا كالأخذ بأحد القولين أو الأقوال في المسائل الفرعية.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) هذا استثناء عن حسن الاحتياط.
وغرضه : أنه لا يعتبر في حسن الاحتياط شيء إلا عدم كونه موجبا لاختلال النظام ، فالاحتياط الذي ينجر إلى ذلك لا حسن فيه.
وظاهر كلام الشيخ هنا عدم اعتبار شيء في حسنه حتى عدم اختلال النظام.
وكيف كان ؛ فقوله : «إلا إذا» ظاهر في كون الاختلال رافعا لحسن الاحتياط لا لنفس الاحتياط المحرز للواقع ، لظهور السلب في القضايا السالبة في رجوعه إلى المحمول لا الموضوع ، فالاحتياط المخل بالنظام محرز للواقع ، لكنه ليس بحسن لإخلاله بالنظام.
وإن كان المحتمل رجوع الاستثناء إلى الموضوع بأن يقال : إن حقيقة الاحتياط هي إحراز الواقع عملا مع عدم مزاحمة جهة مقبحة له عقلا ، ومع وجود المزاحم ينتفي موضوع الاحتياط ، فتكون السالبة بانتفاء الموضوع.
لكن هذا الاحتمال ضعيف جدا ؛ لأن حقيقة الاحتياط هي الإحاطة بالواقع وحسنه أو قبحه أحيانا لعارض خارج عن هويته ، وظهور قوله : «إلا إذا كان موجبا لاختلال النظام» في هذا الاحتمال ورجوع السلب إلى المحمول مما لا مجال لإنكاره ؛ لأن معناه : إلا إذا كان الاحتياط موجبا لاختلال النظام ، فالاختلال الرافع لحسنه مترتب على وجود الاحتياط ، لا رافع لحقيقته ، فإن الحسن والقبح من المحمولات المترتبة على وجود شيء.
(٢) أي : حسن الاحتياط ، وهذا إشارة إلى الخلاف في حسنه في العبادات كما نسب إلى جمع من الفقهاء تبعا للمتكلمين ، بزعم : أن الاحتياط فيها مخل بقصد الوجه المعتبر في العبادة ، وعلى هذا بنوا بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد مع التمكن منهما.
(٣) كلمة «لو» وصلية ، وبيان لوجه الإطلاق ، وإشارة إلى خلاف آخر وهو : أن الاحتياط بحسن إن لم يكن مستلزما لتكرار العبادة ، وإلا فلا حسن فيها ؛ لما سيشير إليه ، وتقدم أيضا في مباحث القطع.