مفهوم واحد ومعنى فارد ، وهو الحكم ببقاء حكم (١) أو موضوع ذي حكم (٢) شك في بقائه (٣) إما (٤) من جهة بناء العقلاء على ذلك في أحكامهم العرفية ...
______________________________________________________
عن الاختلاف في حقيقته ومفهومه ؛ بل حقيقته واحدة ، والغرض من التعريف : الإشارة إلى ذلك المفهوم الفارد ، غاية الأمر : أن الجهات المشيرة إليه مختلفة ، فكل واحد من تلك التعريفات يشير إلى ذلك المفهوم الوحداني بالجهة المأخوذة في ذلك التعريف.
(١) هذا في الشبهة الحكمية ، وقوله : «أو موضوع ذي حكم» إشارة إلى جريان الاستصحاب في الشبهة الموضوعية ، ومقتضى التعبد الاستصحابي في الجميع : جعل الحكم المماثل للحكم المشكوك فيه ، أو لحكم الموضوع المشكوك فيه.
(٢) أي : سواء كان الحكم تكليفيا بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية ، أم وضعيا. وأما اعتبار كون المستصحب حكما أو موضوعا ذا حكم : فلأن الاستصحاب من الأصول العملية التي هي وظائف شرعية للشاك في مقام العمل ، فإذا لم يكن المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا له فلا معنى للتعبد ببقائه.
(٣) أي : شك في بقاء الحكم المتيقن أو موضوعه.
(٤) غرض المصنف «قدسسره» : إثبات أن ما ذكره من تعريف الاستصحاب جامع لما يعتبر في التعريف ؛ وذلك لأنه يعتبر في تحديد ما يكون من الحجج الشرعية أمور :
الأول : التئام التعريف مع دليل الاعتبار.
والثاني : اشتمال التعريف على ما يكون دخيلا في حقيقة المعرف ـ بالفتح ـ ومقوما له ؛ إذ بدونه لا يكون التعريف وجها وشارحا للمعرف كما هو ظاهر.
الثالث : كون التعريف جامعا للمباني والأقوال المختلفة حتى يكون مورد النفي والإثبات واحدا ؛ وإلا كان النزاع لفظيا كما سيتضح.
وما أفاده «قدسسره» بقوله : «إما من جهة ...» الخ بيان للأمر الأول ، وحاصله : أن دليل اعتبار الاستصحاب ـ من بناء العقلاء على بقاء الحالة السابقة أو النص والإجماع الآتيين ، أو الإدراك العقلي الظني بالبقاء الحاصل من ملاحظة الحالة السابقة ـ منطبق على تعريف المتن ؛ لأن مفاد كل واحد منها هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه.
وهذا بخلاف أكثر التعاريف ؛ لظهورها في استناد الإبقاء إلى خصوص الظن بالبقاء ، ومن المعلوم : أن هذا لا يلتئم مع كون الاستصحاب أصلا عمليا مستندا إلى الأخبار لا الظن. هذا بيان الأمر الأول.