الاضطرار وذلك أنّ لمتعلّق الخطاب المطلق أفراد عرضيّة وأفراد طوليّة فكما أنّ تعذّر بعض الأفراد العرضيّة لا يوجب سقوط الخطاب إلّا من جهته ويبقى الخطاب فعليّا من جهة باقي الأفراد الممكنة كذلك تعذّر جميع الأفراد العرضيّة لا يوجب إلّا سقوط الخطاب من جهتها ويبقى إطلاق الخطاب فعليّا من جهة الأفراد الطوليّة وكذا تعذّر بعض الأفراد الطوليّة لا يوجب سقوط إطلاق الخطاب من جهة الأفراد الطوليّة الاخرى بطريق أولى والشاهد على ذلك أمران :
أحدهما : أنّ المكلّف لو اضطرّ إلى ترك المبدل ولم يأت بالبدل ثمّ ارتفع العذر في الوقت لا يرتاب أحد في وجوب الإتيان بالمبدل في باقي الوقت وما ذاك إلّا لتمسّكهم بالإطلاق الشامل لمحلّ الفرض إذ لا دليل لهم على عموم الحكم المزبور إلّا ذلك.
وثانيهما : أنّه لو لم يكن الإطلاق شاملا لأفراد المبدل الطوليّة كما ذكرنا لما كان وجه لبحث الأعلام (قدس الله اسرارهم) عن كون مصلحة البدل وافية بتمام مصلحة المبدل أو ليست بوافية وعلى فرض كونها ليست بوافية فهل يمكن استيفاء الباقي من مصلحة المبدل بالإعادة أو القضاء أو لا يمكن إذ بناء على عدم شمول الإطلاق لأفراد المبدل الطوليّة لا يمكن إحراز كونها ذات مصلحة ليتنازع في وفاء مصلحة البدل بمصلحتها وعدمه ولكان التمسّك لنفي وجوب الإعادة بعدم الدليل أولى. (١)
وعليه فمع إطلاق الأدلّة الأوّليّة يصحّ البحث بعد الإتيان بالعمل الاضطراريّ وعروض حالة الاختيار في الوقت عن أنّه هل يجزي العمل الاضطراريّ عن العمل الاختياريّ أو لا يجزي؟
بل يلزم العمل الاختياريّ بعد شمول إطلاق دليله لحالة طروّ الاختيار بعد الاضطرار؟
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٢.