وأمّا إذا دلّت الأدلّة على أنّ استيعاب الاضطرار موضوع للإتيان فهو خارج عن محطّ البحث لأنّه مع عدم الاستيعاب لا أمر هنا ولا مصداق للمأمور به حتّى نبحث عن إجزائه كما أنّ من مقتضى البحث أيضا هو طروّ الاختيار في الوقت مع إتيان المأمور به فلو استوعب العذر ولم يظهر الاختيار فهو خارج عن موضوع الإعادة. (١)
ثمّ لا يذهب عليك أنّ بعد ما مرّ من تقريب الحكومة في الأدلّة الاضطراريّة لا حاجة في إثبات الإجزاء إلى التمسّك بالإطلاق المقاميّ كما يظهر من صاحب الكفاية لوضوح أنّ دليل تشريع موارد الاضطرار كدليل تشريع التيمّم لا سيّما الرواية المعروفة :
التراب أحد الطهورين ، لسانه لسان الشرح للأدلّة الأوّليّة المشترطة للطهارة وموسّعة لدائرتها.
نعم لا يكون الأفراد الاضطراريّة في عرض الأفراد الاختياريّة فالطهارة وإن وسعت بسبب أدلّة التيمّم وعمّت الترابيّة ولكنّ المائيّة مع التمكّن من الماء والترابيّة مع التعذّر وعليه فلا وجه بعد حكومة أدلّة الاضطرار لعدم الإجزاء فإنّه قد أتى بما هو تكليفه واقعا. (٢)
ثمّ إنّ مع دلالة الأدلّة الاضطراريّة على الإجزاء وعدم الحاجة إلى الإعادة فلا موضوع لاحتمال القضاء لأنّ القضاء فيما إذا لم يأت بالواجب والفريضة وأمّا مع الإتيان به كما هو مفاد أدلّة الاضطرار فلا مجال لاحتمال القضاء كما لا يخفى.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٨٥.
(٢) راجع نهاية النهاية ١ / ١٢٥.