يكون بالعرض وبالانصراف وإلّا فلا يعقل اختلاف معنى المادّة في ضمن الهيئات. انتهى (١)
وثانيا : أنّ الإرادة ليست قابلة للإنشاء لأنّها أمر تكوينيّ والإنشاء قاصر عن إيجاد التكوينيّات ، هذا بخلاف الطلب فإنّه مفهوم قابل للانطباق على الفعل الخارجيّ والإنشائيّ والإنسان إمّا أن يتصدّى بنفسه تحصيل شيء ويصدق عليه الطالب بسبب تصدّيه لتحصيل الشيء ، وإمّا أن يتصدّى لإتيان الغير إيّاه وهو على نوعين :
أحدهما : هو أن يأخذ الطالب يد غيره ويجرّه نحو العمل.
وثانيهما : أن يقول لغيره اضرب أو آمرك بكذا وكلاهما بعث وتحريك نحو العمل ويصدق عليهما عنوان الطلب كما لا يخفى.
قال في نهاية الاصول : إنّ ما ذكره (أي صاحب الكفاية) من اتّحاد الطلب والإرادة مفهوما وخارجا وإنشاء فاسد أصله فإنّ لفظ الإرادة موضوع لصفة خاصّة من صفات النفس والصفات النفسانيّة من الامور الحقيقيّة التي تكون بحذائها شيء في الخارج فلا تقبل الوجود الإنشائيّ لإباء الامور الحقيقيّة هذا النحو من الوجود بخلاف الطلب فإنّ له معنى قابلا لأن يوجد بالإنشاء وهو البعث والتحريك إذ ليس معناه سوى البعث والتحريك نحو العمل وكما أنّهما يحصلان بالتحريك الفعليّ بأن يأخذ الطالب بيد المطلوب منه ويجرّه نحو العمل المقصود فكذلك يحصلان بالتحريك القوليّ بأن يقول الطالب (اضرب) أو (أطلب منك الضرب) أو (آمرك بكذا مثلا). فقول الطالب : (افعل كذا) بمنزلة أخذه بيد المطلوب منه وجرّه نحو العمل المقصود والحاصل أنّ حقيقة الطلب مغايرة لحقيقة الإرادة. إلى أن قال : نعم الطلب بكلا معنييه مظهر للإرادة ومبرز لها فمن أراد من عبده تحقّق فعل خاصّ أو وجود مقدّماته بقصد
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ٩٣.