وإن كان المراد هو الطلب الإيقاعيّ كما هو غير بعيد من سوق كلامه ، إنّا لا نتصوّر هنا غير البعث والإغراء شيئا آخر حتّى نسمّيه طلبا إغرائيّا. ولو فرض له معنى محصّل فيردّ بحكم التبادر إذ هو غير متبادر من الهيئة. انتهى (١)
لما عرفت من أنّ المراد من إنشاء الطلب هو إنشاء ما يصدق عليه عنوان الطلب بالحمل الشائع الصناعيّ وهو ليس شيئا آخر غير البعث والإغراء حتّى يستبعد ويحكم بكونه خلاف التبادر من الهيئة فلا تغفل.
ثمّ إنّ القول بتغاير الطلب والإرادة لا يؤول إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من الاعتقاد بالطلب النفسانيّ لأنّ ما ذهبوا إليه من الطلب النفسانيّ يكون من الصفات النفسانيّة هذا بخلاف ما نختاره فإنّ الطلب عنوان الفعل وهو مغاير مع الإرادة التي هي تكون من الصفات النفسانيّة فالقول بالتغاير كما ذهبنا إليه لا يستلزم الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة.
ثمّ إنّ الدليل في البحث عن مفاد الإرادة والطلب هو التبادر وصحّة السلب لا الوجدان لأنّ اللغة تثبت بتلك العلامات فإثبات اللغة بالوجدان كما يظهر من صاحب الكفاية حيث قال : إنّا لا نجد غير الإرادة صفة اخرى قائمة بالنفس يكون هو الطلب فلا محيص إلّا عن اتّحاد الإرادة والطلب وأن يكون ذاك الشوق المؤكّد المستتبع لتحريك العضلات مسمّى بالطلب والإرادة ، (٢) كما ترى.
هذا مضافا إلى إمكان منع عدم وجدان شيء آخر وراء الإرادة كما أفاد الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره لوجدان الفرق بين الإرادة والعزم فإنّ الإرادة لا تكون إلّا في مورد فيه المصلحة حتّى يصير التصديق بها حبّا وشوقا مؤكّدا. هذا بخلاف العزم فإنّه
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٣٥.
(٢) الكفاية ١ / ٩٥ ـ ٩٦.