خذ الطرق والأمارات وألق احتمال خلافها ورتّب آثار الواقع على ما قامت عليه الطرق والأمارات ومن المعلوم أنّ البناء الذي يؤول إلى ذلك لسانه لسان الحكومة على أدلّة الإجزاء والشرائط والموانع بالتوسعة والتضيّق ولذلك نرى تقدّم الأمارات على الاصول وليس ذلك إلّا لحكومتها عليها ومقتضى إمضاء الشارع إيّاها في مقام امتثال تكاليفه الواقعيّة هو الإجزاء كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى ما أفاده بعض الأكابر دام ظلّه من أنّ تعليل عدم الإعادة عند تخلّف الطهارة في صحيحة زرارة بوجود الحجّة حال العمل وهي الاستصحاب هو جواز الاكتفاء بالأمارات بطريقة أولى ومخالفة الحجّة للواقع بالانكشاف المتأخّر عن العمل غير ضائرة ولذا علّل بعدم النقض بالشكّ مع أنّ الإعادة بعد الانكشاف نقض باليقين فيعلم منه كفاية كونه نقضا بالشكّ حال العمل في عدم الإعادة بعد الانكشاف فالتعليل بالاستناد إلى الحجّة حال العمل وكفايته عن العمل بعد كشف الخلاف يعمّم مورد هذا التعبّد المحتمل وأنّه آت في كلّ عمل بحجّة شرعيّة ولا يختصّ بالاستصحاب ، لأنّ حاصل التعليل أنّك حيث كان لك طريق إلى الواقع تعبّد حال العمل فلا إعادة عليك بعد كشف الخلاف إلى أن قال تماميّة استدلال الإمام عليهالسلام للحكم بعدم الإعادة بالاستصحاب تبنيته على ارتكاز ذلك في العمل بالظنّ المعتبر فإنّه لا ارتكاز إلّا في الحالة لو لم يكن أعمّ من ذلك أعني العمل بحجّة شرعيّة كما قدّمناه وعلى أيّ فلا اختصاص له بغير الأمارات (١).
التقريب الثاني لإجزاء الأمارات والاصول كما هو المحكيّ عن الميرزا الشيرازيّ قدسسره هو أن يقال لمّا كان من الضروريّ حينئذ أن يقبح على الشارع الترخيص في العمل بمقتضاها والأمر بذلك لمجرّد مصلحة الطريقيّة والإيصال مع تمكّن
__________________
(١) راجع مباحث الاصول : ١ / ٣٧٢ ـ ٣٧٤.