على اعتباره من باب التعبّد فإنّ الأمر بمقتضى الحالة السابقة مع التمكّن من تحصيل الواقع نظير الأمر بالطرق أو الأمارات مع التمكّن من تحصيله فلا بدّ فيه أيضا من اعتبار مصلحة مصحّحة للأمر به حينئذ لا تنافي هي طريقيّة مؤدّاه ومرآتيّته للواقع فإنّ أمره بالعمل بمقتضى الحالة السابقة إنّما هو لأجل أنّه حكم بكون المشكوك هو الذي كان في السابق فإنّ أمره بالصلاة مع الطهارة المستصحبة إنّما هو لأجل حكم بأنّها هي الصلاة مع الطهارة الواقعيّة الحاصلة سابقا (١).
حاصله أنّ ترخيص الشارع لسلوك الأمارات والاصول في حال التمكّن من العلم ولزوم تفويت المصالح الواقعيّة في بعض الموارد من دون تداركها قبيح وخلاف الحكمة.
ومجرّد المصلحة الطريقيّة والإيصال مع السهولة لا يكفي لرفع القبح بل يحتاج رفع القبح إلى جعل المصلحة في المتعلّق وهو على قسمين :
أحدهما أن يجعل المصلحة في المؤدّى بحيث ينقلب الواقع إلى المؤدّى ولا يبقى لمن قامت هي عنده واقع سوى العمل بها وهو وإن أمكن إلّا أنّه تصويب باطل عندنا.
وثانيهما : أن تجعل المصلحة في العمل بالطريق الذي لم يصب على وجه تجبر المصلحة الفائتة فلا يكون الترخيص حينئذ قبيحا.
فهو ينتهي من ناحية هذه المقدّمات إلى جبران المصالح الواقعيّة فيما إذا خالفت الطرق والأمارات والاصول ومع جبرانها سقط أمر الخطابات الواقعيّة ومع سقوط أمرها تحقّق الإجزاء كما لا يخفى.
ويمكن أن يقال : أنّ مصلحة الجعل وإن لا تكف لجبران المصالح الفائتة بل
__________________
(١) تقريرات الميرزا الشيرازي : ج ٢ / ١٧٧ ـ ١٧٥.