مصلحة غالبة على مصلحة الوضوء بماء طاهر فهذا المعنى من السببيّة يرجع إلى أنّ قيام الأمارات تكون سببا لصيرورة الأحكام الواقعيّة الفعليّة هي مؤدّيات الأمارات ومن المعلوم أنّ في هذه الصورة ثبتت الأحكام الواقعيّة المشترك فيها العالم والجاهل في الشريعة المقدّسة.
وإنّما انحصر الأحكام الواقعيّة الفعليّة في مؤدّيات الحجج والأمارات ولا حكم في غيرها إلّا شأنا واقتضاء وعليه فيكون لكشف الخلاف في هذه الصورة مجال.
وبعد تصوّر كشف الخلاف يمكن تصوّر الإجزاء أيضا بمعنى أنّ الإتيان بمؤدّيات الأمارات بناء على السببيّة ووجود المصلحة في متعلّقاتها يكفي عن الأحكام الإنشائيّة الواقعيّة فبعد العلم بها لا حاجة إلى إعادتها في الوقت ولا إلى قضائها بعد الوقت.
ولذا ذهب في بدائع الأفكار إلى أنّ هذا المعنى من السببيّة وإن كان خلاف ظاهر أدلّة اعتبار الأمارات على ما حقّقناه في محلّه من أنّ ظاهر أدلّتها هو اعتبارها بنحو الطريقيّة إلّا أنّه يمكن توجيه السببيّة بهذا المعنى بنحو لا يتوجّه عليه إشكال عقلا والظاهر عدم قيام الإجماع على بطلان هذا النحو من السببيّة وكيف كان فالظّاهر أنّ محل النزاع في الإجزاء على السببيّة هو هذا النحو منها (١).
نعم لو صار عروض الملاكات الطارئة سببا لاندكاك الملاكات الذاتيّة بحيث لا يبقى علّة للأحكام الواقعيّة فلا يكون مع قيام الأمارات حكم في الواقع لا شأنا ولا فعلا فهذه الصّورة ملحقة بالصورة الثانية.
ولعلّ كلام الشيخ ناظر إلى ما إذا صارت ملاكات الطارئة سببا لاندكاك الملاكات الذاتيّة حيث قال :
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٩٧.