الثاني أن تكون العناوين الواقعيّة بما هي مستحلة على المصالح والمفاسد ومحكومة بأحكام واقعيّة ولكن صار اداء الأمارات سببا لوجود ملاكات أقوى في نفس العناوين الذاتيّة الواقعيّة فصار هذا سببا لانقلاب الأحكام الواقعيّة إلى مؤدّيات الأمارات بعد حصول الكسر والانكسار بين الملاكات الذاتيّة والملاكات الطارئة وذلك مثل أن تكون صلاة الجمعة بما هي صلاة الجمعة مشتملة على مفسدة واقعيّة مستتبعة للحرمة ولكن صار أداء الأمارة إلى وجوبها سببا لوجود مصلحة في نفس صلاة الجمعة بعنوانها بحيث تزيد المصلحة على المفسدة الواقعيّة بنحو تستتبع الوجوب بعد الكسر والانكسار وهذا أيضا تصويب انقلابيّ باطل على أصول المخطئة (١).
وإلّا فمع بقاء الملاكات الذاتيّة في الواقع مع غلبة الملاكات الطارئة فالأحكام الواقعيّة الإنشائية المشترك فيها العالم والجاهل باقية وذلك يكفي في خروج هذه الصورة عن التصويب المجمع على بطلانه هذا مضافا إلى أنّ الإجماع في المسائل العقلية لا حجّيّة له وإنّما المعتبر هو البرهان والاستدلال.
قال السيّد المحقّق البروجرديّ قدسسره في نهاية الاصول إنّ مسألة التخطئة والتصويب مسألة عقليّة لا شرعيّة تعبّديّة يستند فيها إلى الإجماع وإنّ الإجماع المدعى فيها هو إجماع المتكلمين من الإماميّة بما هم متكلّمون لا إجماع الفقهاء والمحدّثين الذي هو حجّة من الحجج الفقهيّة.
إلى أن قال : قال شيخنا أبو جعفر الطوسيّ في كتاب العدة ما حاصله أنّ المتكلّمين من الفرقة الحقّة من المتقدّمين والمتأخّرين كلّهم أجمعوا على أنّ أصحاب الصواب فرقة واحدة والباقون مخطئون وهذا الكلام منه قدسسره شاهد على ما قلناه من أنّ
__________________
(١) نهاية الاصول : ٢ / ٤٤٤.