الإجماع على بطلان التصويب ليس هو إجماع الفقهاء والمحدّثين بل إجماع المتكلّمين بما هم متكلّمون لكون المسألة من المسائل العقليّة التي يبحث فيها المتكلّم بما هو متكلّم وليست من المسائل الشرعيّة المتلقّاة من المعصومين عليهمالسلام يدا بيد حتّى يكون الإجماع فيها إجماع أهل الحديث فيكون حجّة (١).
فالتحقيق إنّ الملاكات الواقعيّة إن كانت باقية مع ملاكات طارئة وإنّما كان التزاحم بينهما في التأثير فلا مزاحمة بحسب مقام الإنشاء ومقتضى ذلك هو وجود الأحكام الإنشائيّة الواقعيّة وإن صارت الملاكات الواقعيّة مندكّة عند عروض الملاكات العارضة فالواقعة التي قامت الأمارة عليها على خلاف الواقع محكومة بمؤدّى الأمارة لاندكاك الملاكات الواقعيّة ومقتضى ذلك هو عدم وجود الأحكام الواقعيّة ولو إنشاء لانعدام المعلول بانعدام علّته واندكاكه (٢).
وهكذا يمكن تصوّر كشف الخلاف إذا كان المراد من السببيّة أنّ العناوين الواقعيّة بما هي مشتملة على المصالح والمفاسد ومحكومة بأحكام واقعيّة ولم يكن أداء الأمارة على خلافها موجبا لانقلاب الواقع مصلحة أو حكما بل المصلحة الحادثة إنّما تكون في سلوك الأمارة وتطبيق العمل على طبقها والحكم الظاهريّ يثبت لهذا العنوان أعني سلوك الأمارة بما هو سلوك فلو أدّت الأمارة إلى وجوب الجمعة مثلا وكان الواجب بحسب الواقع هو الظهر فقيام الأمارة لا يصير سببا لاشتمال صلاة الجمعة على المصلحة ولا لمحكوميّتها بالوجوب بل هي بعد باقية على ما كانت عليه والظهر أيضا باق على وجوبه الواقعيّ والمصلحة إنّما تكون في سلوك الأمارة بما هو سلوك وبهذه المصلحة يتدارك فوت مصلحة الواقع بقدر فوتها.
وفي هذه الصورة الأحكام الواقعيّة محفوظة ومع محفوظيّتها لكشف الخلاف
__________________
(١) ج ١ / ١٤١.
(٢) راجع تعليقة الأصفهاني : ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.