بعد اشتمال متعلّقها على المصلحة وكونه مشتاقا إليه إمّا بالذات أو بالعرض ولا يعقل تحقّق الإرادة إذا كانت المصلحة مترتّبة على نفسها فكذلك لا يعقل أن يتحقّق الشوق متعلّقا بذاتها من دون أن يكون المتعلّق مشتاقا إليه ولو بالعرض ، والسرّ في ذلك أنّ الإرادة أمر فإنّ في المراد وتعلّق الشوق بمتعلّقها من مبادئ تحقّقها فإذا كان هذا حال الإرادة التكوينيّة فكذلك حال الإرادة التشريعيّة أعني الأمر والنهي فتشتركان في أنّ تحقّقهما خارجا يتوقّف على مطلوبيّتهما تبعا لمطلوبيّة المتعلّق وفي طولها (١).
وعليه ففرض المصلحة في نفس الأمر بالسلوك لا يزيد على ما إذا فرض وجود المصلحة في سلوك الأمارة وتطبيق العمل على طبقها وقد عرفت أنّ لكشف الخلاف والإجزاء مجال في ذلك الفرض فلا تغفل.
فتحصّل أنّ صور السببيّة خمسة ولا مجال لكشف الخلاف والإجزاء عن الأوامر الواقعيّة في الأوّل والثاني دون الثلاثة الباقية سواء كان مرجعها إلى الواحد أو إلى الثلاثة.
نعم لو كانت الملاكات الطارئة موجبة لاندكاك الملاكات الواقعيّة بحيث لا يبقى لوجود الأحكام الواقعيّة لا شأنا ولا فعلا علّة فلا مجال لكشف الخلاف والإجزاء عن الأوامر الواقعيّة في جميع الصور ولكنّه كما ترى لإمكان أن تكون الملاكات متزاحمة في مقام التأثير من دون اندكاك الملاكات الواقعيّة وعليه فالتفصيل بين الصورتين الأوليين والثلاثة الباقية في محلّه.
وممّا ذكر يظهر أنّ التصويب لا يلزم إلّا في الأوّل والثاني الملازمين لخلوّ الواقعة عن الحكم الواقعي رأسا.
وأمّا في غيرهما من الفروض الثلاثة فلا مورد للتصويب لوجود الأحكام
__________________
(١) ج ٢ / ٤٤٥.