وأمّا إذا قلنا بكشفه عن مجرّد المصلحة في صورة المخالفة في قبال الطريقيّة فلا يفيد الإجزاء عن المصلحة الواقعيّة.
ثمّ أوضح ذلك بما حاصله أنّ الالتزام بالموضوعيّة والسببيّة تارة بملاحظة ظهور الإنشاء في كونه بداعي جعل الداعي لا بسائر الدواعي وظهور متعلّقه في كونه عنوانا لا معرّفا للواقع إذ بالظهور الأوّل في كونه بداعي جعل الداعي لا بسائر الدواعي يندفع احتمال كونه بداعي تنجيز الواقع كما أنّ بالظهور الثاني يندفع احتمال كونه بداعي إيصال الواقع بعنوان تصديق العادل.
وفيه أنّ مقتضى كلا الظهورين جعل الداعي على أيّ تقدير وانبعاثه عن مصلحة زائدة على مصلحة الواقع.
أمّا أنّها مصلحة بدليّة عن مصلحة الواقع حتّى يسقط التكليف الواقعيّ بحصول ملاكه أو مصلحة غير بدليّة حتّى يكون التكليف الواقعيّ باقيا ببقاء ملاكه فلا محالة تتوقّف على ضميمة معيّنة لبدليّة المصلحة.
وتارة يكون الالتزام بالموضوعيّة والسببيّة بملاحظة قبح تفويت المصلحة فلا بدّ من الالتزام بمصلحة في المؤدّى بحيث يتدارك بها مصلحة الواقع.
وفيه أنّ إثبات المصلحة البدليّة رأسا أو إثبات بدليّة المصلحة بعد استظهار أصلها بالبيان الذي تفرّدنا به من طريق قبح تفويت المصلحة الواقعيّة فقد دفعناه في مسألة جعل الطريق بأنّ إيكال العبد إلى طرقه العلميّة ربّما يوجب تفويت الواقعيّات أكثر من جعله متعبّدا بالأمارة فالزائد فائت لا مفوّت حتّى يقبح مع أنّ تفويت مصلحة بإيصال مصلحة يساويها أو أقوى منها ولو لم يكن من سنخها لا قبح فيه (١)
يمكن أن يقال أوّلا أنّ المراد من إطلاق أدلّة حجّيّة الأمارات هو الإطلاق
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ / ٢٤٣.