ولقد أفاد وأجاد في بدائع الأفكار حيث قال :
إنّ الواجب المعلّق فعليّ الوجوب قبل تحقّق قيده لأنّ الموجب لفعليّة وجوبه هي فعليّة المصلحة الداعية إليه في متعلّقه قبل تحقّق قيده ولا مانع على الفرض من تأثير تصوّر هذه المصلحة في وجود إرادة ذيها في نفس المولى قبل تحقّق القيد فلا محالة تتحقّق الإرادة التشريعيّة ، إلى أن قال وأمّا انتظار حصول القيد المقيّد به الواجب المعلّق فهو دخيل في فعليّة امتثال هذا التكليف لا في فعليّة نفس التكليف فالواجب المعلّق لا تتوقّف فعليّة وجوبه على وجود قيده في الخارج ولا على فرضه في الذهن كما هو شأن الوجوب المشروط.
والمحصّل من هذا الكلام أمران :
الأمر الأوّل : عدم صحّة إرجاع الواجب المعلّق إلى الواجب المشروط على رأي المشهور.
والثاني : عدم صحّة إرجاعه أيضا إلى الواجب المشروط على المختار.
أمّا عدم صحّة إرجاعه إلى المشروط على المشهور فلمّا ذكرنا غير مرّة من أنّ متعلّق الوجوب في المعلّق متّصف بالمصلحة التامّة الداعية إلى التكليف به قبل تحقّق قيده ولا مانع على الفرض من تعلّق الإرادة التشريعيّة به فلا محالة تتعلّق به الإرادة لتمام المقتضي وعدم المانع فإذا أظهر المولى هذه الإرادة بقول أو فعل تمّ الحكم الشرعيّ قبل حصول قيد الواجب في الخارج وإن كان الامتثال لا يصحّ إلّا بعد حصوله إلى أن قال :
ومنه يظهر أيضا وجه عدم رجوعه إلى المشروط على المختار لما بيّنا أنّ الفعل في الواجب المعلّق متّصف بالمصلحة قبل تحقّق قيده فالمقتضي لطلبه وهو اتّصافه بالمصلحة قبل القيد موجود بالفعل وما توهّم كونه مانعا تبيّن فساده فلا بدّ من القول بوجوبه فعلا لا على فرض وجود قيده بخلاف الواجب المشروط على المختار فهو وإن