بوجوب ما شكّ في غيريّته ولكن شكّ في وجوب الغير ، كما إذا شكّ في وجوب الصلاة في المثال المتقدّم وعلم بوجوب الوضوء ، ولكن شكّ في كونه غيريّا حتّى لا يجب لعدم وجوب الصلاة ظاهرا بمقتضى البراءة أو نفسيّا حتّى يجب ؛ ففي هذا القسم يجب الوضوء دون الصلاة لأنّه من قبيل الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، حيث إنّ العلم بوجوب ما عدا السورة مع الشكّ في وجوبها يقتضي وجوب امتثال ما علم ولا يجوز إجراء البراءة فيه ، مع أنّه يحامل كون ما عدا السورة واجبا غيريّا وكون المقام من قبيل المقدّمات الخارجيّة وهناك من قبيل الداخليّة لا يوجب فارقا (١).
أورد عليه : أوّلا : أنّ العلم التفصيليّ بوجوب الوضوء وتردّده بين الوجوب النفسيّ والغيريّ لا يمكن إلّا مع العلم الإجماليّ بوجوب الصلاة المتقيّدة بالوضوء نفسيّا ، وهذا العلم الإجماليّ لا ينحلّ إلّا بوجه محال كما عرفت ، وبعبارة اخرى يجب في الفرض المذكور بمقتضى العلم الإجماليّ الصلاة مع الإتيان بالوضوء قبلها ، ولا مجال للبراءة عن وجوب الصلاة المتقيّدة بالوضوء (٢).
ويمكن الجواب عنه بأنّ مقصود العلمين أنّ وجوب الوضوء مفروغ عنه ، وإنّما الشكّ في كيفيّة وجوبه هل يكون نفسيّا أو غيريّا من جهة احتمال وجود واجب آخر فعليّ متقيّد به فلا يكون الصلاة المتقيّدة بالوضوء طرفا للعلم الإجماليّ حتّى لا ينحلّ إلّا بوجه محال ، ولكنّه غير مجد بعد رجوع العلم بوجوب الوضوء والشكّ في كيفيّة وجوبه إلى العلم الإجماليّ بوجوب الوضوء نفسيّا أو وجوب الصلاة المتقيّدة بالوضوء نفسيّا كالصورة الاولى.
والعلم التفصيليّ بوجوب الأقلّ المردّد بين كونه نفسيّا أو غيريّا عين العلم الإجماليّ بالتكليف المردّد بين النفسيّ والغيريّ ؛ ومثل هذا العلم التفصيليّ لا يعقل أن
__________________
(١) فوائد الاصول : ١ / ٢٢٣. ط جديد.
(٢) منهاج الاصول : ١ / ٣٧٦.