وأمّا القول بأنّ معناه الجموديّ هو الفعل كما في نهاية الأصول (١) ففيه أنّه إن اريد به أنّ الأمر مرادف لمفهوم الفعل فلا نسلّم لأنّه خلاف المتبادر من لفظ الأمر وعليه فلفظ الأمر موضوع لحصّة خاصّة من مفهوم الشيء. نعم" أمر فلان مستقيم" ظاهر في أنّ المراد من الأمر فيه هو الفعل أو الشأن ولكن لو لم نقل إنّه مستفاد بالقرينة لزم اشتراك لفظ الأمر بالاشتراك اللفظيّ بين ثلاثة من المعاني من المعنيين المذكورين والفعل أو الشأن.
أورد في تهذيب الاصول على صاحب الكفاية بأنّ مادّة الأمر موضوعة لجامع اسميّ بين هيئات الصيغ الخاصّة بما لها من المعنى لا الطلب ولا الإرادة المظهرة ولا البعث وأمثالها فالمعنى مفهوم اسميّ مشترك بين الهيئات التي هي الحروف الإيجاديّة.
ثمّ استشكل على نفسه بأنّ البحث في لفظ الأمر الذي له معنى اشتقاقيّ وما ذكرت من الجامع يستلزم كونه غير قابل للتصريف.
وأجاب عنه بأنّ ما ذكرنا من الجامع الاسميّ بما أنّه قابل للانتساب والتصرّف يصحّ منه الاشتقاق كما أنّ الكلام واللفظ والقول مشتقّات باعتبار ذلك فلا إشكال من هذه الجهة بوجه إذ الاشتقاق باعتبار كونه حدثا صادرا عن الأمر. (٢)
يمكن أن يقال أوّلا : إنّ الأمر بمعناه المصدريّ ليس حاكيا عن هيئات الصيغ الخاصّة بالجامع الاسميّ بل معناه هو ما يساوق في اللغة الفارسيّة ب «فرمان دادن».
وثانيا : إنّ ملاحظة الجامع الاسميّ بما أنّه قابل للانتساب يباين ملاحظته بما هو جامع اسميّ مباينة بشرط الشيء واللابشرط فإنّ في الجامع الاسميّ لا يلاحظ إلّا نفس المعنى دون المعنى المصدريّ فإنّ المعنى ملحوظ بشرط انتسابه إلى الفاعل و
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) تهذيب الاصول ١ / ١٣١ ـ ١٣٢.