دخل في الملاك. فهذه جملة ما يتصور في اعتبار الزمان في الأحكام الوضعية والتكليفية.
فإن لم يكن للزمان دخل لا في الملاك ولا في الخطاب ، فلا إشكال في تأثير العلم واقتضائه الموافقة القطعية ، فلو علم المكلف بأن بعض معاملاته في هذا اليوم أو الشهر تكون ربوية فيلزمه التحرز عن كل معاملة يحتمل كونها ربوية (١) مقدمة للعلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به من التكليف بترك المعاملة الربوية ، فان الشخص من أول بلوغه يكون مكلفا بترك المعاملة الربوية صباحا ومساء في أول الشهر وآخره ، والتكليف بذلك يكون فعليا من ذلك الزمان غير مشروط بزمان خاص ، كالنهي عن الغيبة والكذب.
وإلى ذلك يرجع ما أفاده الشيخ قدسسره بقوله : « والتحقيق أن يقال : إنه لا فرق بين الموجودات فعلا والموجودات تدريجا في وجوب الاجتناب عن الحرام المردد بينها إذا كان الابتلاء دفعة » انتهى. فإن الابتلاء دفعة مع عدم وجود المشتبهات فعلا لا يكون إلا لأجل إطلاق النهي وعمومه لجميع الأزمنة
__________________
١ ـ أقول : كيف يكون التكليف بالترك في آخر اليوم فعليا في أول يومه! كي يصدق في حقه العلم الاجمالي في أول الصبح بالتكليف الفعلي ، بل التكليف بالترك في آخر اليوم ـ حسب مختاره : من عدم التفكيك بين ظرف التكليف وظرف المأمور به مقدمة لابطال الواجب المعلق الخارج عن القدرة فعلا حتى بالواسطة ـ ليس إلا مشروطا بزمانه ، فيكون المقام من باب دخل الزمان في أصل الخطاب دون الملاك ، وحينئذ ففي جميع هذه الفروض لابد من إجراء حكم إسراء الزمان في الملاك أيضا ، لان عمدة الاشكال في منجزية العلم هو المنع في كل آن عن العلم بالتكليف الفعلي ، وهذه الجهة على مختاره مشتركة في الجميع من دون خصوصية لدخل الزمان في الملاك أيضا. نعم : هذا التفصيل إنما يصح عند من يجوز الواجب التعليقي ولا يرجعها إلى المشروط ، كما لا يخفى.
وإن كان التحقيق هو الذي أفاده : من عدم الفرق بين الواجب المشروط وغيره بعد وجوب حفظ القدرة بحكم العقل من ناحية غير شرط الوجوب ، إذ العلم الاجمالي بمثل هذا التكليف منجز عقلا وملزم بالاتيان بالطرف الفعلي وبحفظ القدرة على الطرف الآخر ، فتدبر.