ضمن جميع الأطراف وقضيتين مشكوكتين في كل طرف بالخصوص (١) فلو
__________________
١ ـ أقول : مقتضى التحقيق أن يقال : إن العلم تارة يتعلق بعنوان إجمالي بشيء ، وأخرى يتعلق بعنوان تفصيلي له ، والأول هو المسمى بالعلم الاجمالي ، والثاني بالعلم التفصيلي ، ومرجع الفرق بينهما إلى التفصيل والاجمال في معروض العلم ومتعلقه ، وإلا ففي نفس العلم لا فرق بينهما ، وحينئذ لا مجال لاتصاف العلم بالتفصيلي إلا مع كون متعلقه عنوانا تفصيليا لشيء ، وإلا فمع إجمال متعلقه لا محيص إلا من كونه إجماليا ، والتعبير عنه حينئذ بالعلم التفصيلي في غير محله.
ثم إن من لوازم العلم بالعنوان الاجمالي محضا الشك بعنوان كل واحد من طرفيه تفصيلا ، ولذلك يكون العلم الاجمالي توأما مع الشكين تفصيليين أو أزيد ، حسب ازدياد طرف العلم عن الاثنين ، وحيث إن قوام العلم والشك في عالم العروض بنفس العنوان من دون سرايته منه إلى المعنون ـ ولذا يكون الخارج ظرف اتصافه بالمعلومية أو المشكوكية ، وإلا فظرف عروضه ليس إلا الذهن ، بشهادة أنه ربما لا يكون موجودا في الخارج ، مع أن العلم والشك وأمثالهما من الصفات المتقومة بوجود المعروض موجود فلا محيص من أن يكون معروضها المقوم بوجودها ما هو المخزون في الذهن ، غاية الامر في عالم عروضها عليه لابد وأن يلحظ الموجود الذهني بنحو الفناء في الخارجيات ، بمعنى كونه ملحوظا خارجيا بلا نظر إلى حيث ذهنيته. وبعدما كان كذلك ، فنقول : من البديهي أن العنوان الاجمالي في عالم العنوانية مبائن مع العنوان التفصيلي وإن اتحدا وجودا ولازمه عدم سراية العلم الاجمالي القائم بعنوانه إلى المعنون التفصيلي ، إذ في عالم العروض كل واحد من العناوين الاجمالية والتفصيلية غير الآخر ، فالعارض لاحد العنوانين غير عارض للآخر ، ومن ذلك يجتمع الشك بالعنوان التفصيلي مع العلم بالعنوان الاجمالي مع اتحادهما وجودا وخارجا ، ولولا تباين المعروضين للزم اجتماع اليقين والشك في شيء واحد ، مع أن التضاد بين اليقين والشك كالنار على المنار ، وذلك أيضا شاهد صدق على عدم سراية هذه الصفات إلى الوجود الخارجي ، بل وقوفها بنفس العنوان ، فان العنوانين حينئذ لما كانا متباينان لا يبقى جهة تضاد بينهما ، لعروض كل منهما بعنوان غير معروض الآخر. وحيث عرفت ذلك نقول : في فرض دوران الامر بين المعروضين ما هو معروض العلم هو عنوان « أحد الامرين » لا خصوص الفعل ولا خصوص الترك ، فكل واحد من الفعل والترك بهذا العنوان التفصيلي لهما تحت الشك ، وحينئذ فلو كان موضوع الإباحة التعبدية الشك في لزوم الفعل أو الترك ، فكل واحد بعنوان الفعل أو الترك مشكوك ، وإن كان بعنوان أحدهما معلوم الالزام ، وعليه فلو ورد في البين ترخيص في فعله وتركه ، لا يكاد يشمل هذا الترخيص التعبدي أزيد من الفعل المشكوك والترك المشكوك ، ولا يكاد يشمل العنوان الاجمالي المعلوم ، كي لا يصح التعبد بالنسبة إليه ، ولكن ذلك المقدار لا يفيد ولا يقتضي