يكون بمجرد الاعتبار واللحاظ (١).
ففي ما نحن فيه ، الأقل يكون متيقن الاعتبار على كل حال ، سواء لوحظ الواجب لا بشرط أو بشرط شيء ، فان التغاير الاعتباري لا يوجب خروج الأقل عن كونه متيقن الاعتبار ، هذا كله بحسب البرهان. وأما بحسب الوجدان فلا يكاد يمكن إنكار ثبوت العلم الوجداني بوجوب الأقل على كل حال ، كانت الماهيتان. متباينتين أو لم تكن ، فتأمل جيدا.
ومنها : ما أفاده المحقق الخراساني قدسسره من أن وجوب الأقل على كل تقدير يتوقف على تنجز التكليف على كل تقدير ، سواء كان متعلقا بالأقل أو بالأكثر ، فإنه لو لم يتنجز التكليف بالأكثر على تقدير أن يكون هو
__________________
بنحو كان قابلا للانطباق على كل منهما فعلا ، كما هو الشأن في بقية الجوامع بالنسبة إلى أفرادها ، بل المراد كون الواجب معنا محفوظا في أحد الحدين بنحو التبادل ، بمعنى كونه في مرتبة مخصوصة مجتمعة مع وجود شيء زائد عنها منضم بها وعدمه ، بحيث بضم الزائد به وعدمه لا يكاد ينقلب ما هو معروض الوجوب لا بذاته ولا بحده ، ومعلوم : أن هذه المرتبة محفوظة بنفس ذاته في ضمن الأكثر ، كما أنها محفوظة أيضا في ضمن حد القلة بلا دخل لهذا الحد على أي تقدير في عروض الوجوب على القليل ، بل الواجب ليس إلا المحفوظ بين الحدين. نعم : على تقدير كون الواجب هو الكثير ليس امتيازه عن القليل إلا بوجوب الزيادة لا يدخل شيء في معروضية الأقل للوجوب ، وحينئذ من أين يصير الأقل مرددا بين الحدين المتبائنين؟ كي يجيء في البين العلم الاجمالي في معروض الوجوب ، بل لا يكون في البين إلا علم تفصيلي بمرتبة من الواجب وشك بدوي بمرتبة أخرى.
نعم : العلم الاجمالي في المقام ليس إلا بين حدي الوجوب الطاري بالعرض على معروضه أيضا ، ومثل هذا المعنى خارج عن مصب حكم العقل بالامتثال ، كما لا يخفى.
ثم العجب من المقرر! حيث إنه بعين هذا الوجه الذي استشكل على المحقق المحشي في تقريب عدم الانحلال اختار هو في تقريبه ، وأظن أن ذلك من قصور العلم ، فياليت يوضح الفارق بين وجهه وكلام صاحب الحاشية بأزيد من ذلك! حتى نفهم! وإن كان ما شرحناه في شرح التردد بين الأقل والأكثر كافيا في الجزم ببطلان تقرير الاحتياط من قبل العلم الاجمالي وعدم الانحلال بأي نحو كان ، كما هو واضح.
١ ـ أقول : بل التقابل بينهما بسعة الوجود وضيقه ، وهو ليس اعتباريا محضا.