والخروج عن عهدة التكليف المعلوم في البين ، ولا يحصل العلم بالامتثال إلا بعد ضم الخصوصية الزائدة المشكوكة.
والعلم التفصيلي (١) بوجوب الأقل المردد بين كونه لا بشرط أو بشرط شيء هو عين العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين الأقل والأكثر (٢) ومثل هذا العلم التفصيلي لا يعقل أن يوجب الانحلال ، لأنه يلزم أن يكون العلم الاجمالي موجبا لانحلال نفسه.
ومما ذكرنا يظهر ما في دعوى الشيخ قدسسره من أن التكليف المردد بين الأقل والأكثر يكون من التوسط في التنجيز عقلا ، بمعنى : أن متعلق التكليف إن كان هو الأقل فالتكليف به يكون منجزا عند العقل ، وإن كان هو الأكثر فالتكليف به لا يكون منجزا ، فان هذه الدعوى بمكان من الفساد (٣) ضرورة أن التنجيز يدور مدار العلم بالتكليف ولو إجمالا ، والمفروض : أنه قد علم بالتكليف المردد بين الأقل والأكثر ، فما هو شرط التنجيز عند العقل قد تحقق في كل من الأقل والأكثر.
نعم : تصح دعوى التوسط في التنجيز بعد البناء على جريان البراءة الشرعية ورفع التكليف عن الأكثر بأدلة البراءة ـ على ما سيأتي بيانه ـ.
وأما لو منعنا عن جريان البراءة الشرعية وكان الامر موكولا إلى نظر العقل فقط ، فالتكليف عند العقل قد تنجز على كل تقدير ، سواء تعلق بالأقل أو
__________________
١ ـ أقول : لو لم يكن هذه الضميمة وقنع بالبيان السابق لكان ممتازا عن وجه المحقق ، ومع هذه الضميمة فياليت نفهم الفارق بين مختاره ومختار المحقق الذي كان مردودا ومختاره معقولا.
٢ ـ أقول : قد تكرر منا أن ما هو طرف العلم الاجمالي في المقام هو حد التكليف لا نفسه ، وهذا الاحتمال خارج عن مصب حكم العقل ، إذ ليس مصبه إلا ذات التكليف المعلوم تفصيلا المشكوك حدا.
٣ ـ أقول : لو تأملت فيما ذكرنا في شرح الأقل والأكثر ترى فساد تلك الكلمات ، لا كلام شيخنا الأعظم.