الطلب به في غير مقام ، لان المأمور به في باب الأسباب والمسببات التوليدية إنما هو المسبب ، وتعلق الامر بالسبب أحيانا إنما يكون بلحاظ تولد المسبب منه وكونه آلة لايجاده ، ولا يصح إطلاق الامر بالمعنون والسبب مع إرادة العنوان والمسبب إلا إذا كان تعنون السبب بالعنوان وتولد المسبب منه من الأمور العرفية المرتكزة في الأذهان ، بحيث يكون الامر بالسبب أمرا بالمسبب عرفا ، على وجه يعلم أن تعلق الطلب بالسبب لا بما هو فعل صادر عن الفاعل بل بما أنه يتولد منه المسبب ويتعنون بعنوانه ، كما يستفاد من الامر بالالقاء في النار والضرب بالسيف كون الامر بهما لأجل تولد الاحراق والقتل منهما ، فلو لم يكن السبب والمسبب بهذه المثابة لم يصح إطلاق الامر بالسبب مع إرادة المسبب ، بل لابد من تقييد الامر بالسبب بما يوجب تولد المسبب منه ، وإلا كان ذلك إغراء بالجهل ونقضا للغرض.
ومن المعلوم بالضرورة : أن تولد الملاكات من متعلقات التكاليف وتعنونها بالمصالح ليس بمثابة يستفاد من الامر بالفعل أنه أمر بالملاك ، إذ ليس تعنون الافعال بالملاكات من المرتكزات العرفية لكي يصح إطلاق الامر بالفعل مع إرادة الملاك ، فاطلاق الامر بالفعل وعدم تقييده بما يوجب تولد الملاك منه يكون كاشفا قطعيا عن أن الملاكات ليست من المسببات التوليدية لمتعلقات
__________________
غرض مترتب على المأمور به ، ولقد عرفت : أن هذا المقدار في منع جريان البراءة كاف ، لولا دعوى : ان العقل لا طريق له إلى فعلية الإرادة بالنسبة إلى الغرض البسيط بأي مرتبة منه ، إلا من جهة فعلية الامر بالمفصل المحصل له ، وحينئذ في مقدار من المفصل المعلوم إرادته يستكشف فعلية حفظ الغرض من قبله ، وليس نفس الغرض أو حفظه بأي مرتبة تحت خطاب مستقل كي يكشف إرادته بهذا العنوان البسيط ، كي يكون الشك في المحقق ، بل من الأول لا يعلم بفعلية الغرض إلا [ من ] علم بفعلية التكليف ، وحيث لا يعلم إلا بالأقل فلم يعلم بفعلية الغرض أزيد مما يلزم حفظه من قبل ما علم إرادته من العمل ، كما لا يخفى ، فتدبر تعرف.