قابلا للانبعاث عنه بحيث يمكن أن يصير داعيا لانقداح الإرادة وحركة العضلات نحو المأمور به ولو في الجملة ، وأما التكليف الذي لا يصلح لان يصير داعيا ومحركا للإرادة في وقت من الأوقات ، فهو قبيح مستهجن.
ومن المعلوم : أن التكليف بعنوان « الناسي » غير قابل لان يصير داعيا لانقداح الإرادة ، لان الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في جميع الموارد ، فيلزم أن يكون التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق ، وهو كما لا ترى مما لا يمكن الالتزام به ، وهذا بخلاف الامر بالأداء والقضاء ، فان الامر بهما قابل لان يصير داعيا ومحركا للإرادة بعنوان الأداء أو القضاء ، لامكان الالتفات إلى كون الامر أداء أو قضاء ويمكن امتثالهما بما لهما من العنوان.
نعم : قد يتفق الخطأ في التطبيق فيهما ، وأين هذا من التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق؟ كما فما نحن فيه ، فقياس المقام بالامر بالأداء أو القضاء ليس على ما ينبغي.
الوجه الثاني : هو ما أفاده المحقق الخراساني قدسسره من أن اختصاص الناسي بخطاب يخصه بالنسبة إلى ما عدا الجزء المنسي لا يلازم ثبوتا أخذ « الناسي » عنوانا للمكلف حتى يرد عليه المحذور المتقدم ، بل يمكن أن يؤخذ عنوانا آخر يلازم عنوان الناسي مما يمكن الالتفات إليه ، كما لو فرض أن « بلغمي المزاج » يلازم في الواقع نسيان السورة في الصلاة ، فيؤخذ « بلغمي المزاج » عنوانا
__________________
بنفسه موضوع الخطاب المستقل ، كما هو ظاهر مقالته.
ولنا بيان آخر ، وهو أن موضوع الخطاب يمكن كونه هو المكلف وأن النسيان مأخوذ في خصوصية فرده المتقوم به فردية صلاته بالناقص وأن الامر متعلق بالجامع بين الزائد والناقص ، غايته كل طائفة مختص بصدور فرد خاص من الزائد في الذاكر والناقص في الساهي ، ففي مثل هذه الصورة كل من الذاكر والناسي لا يقصد إلا الامر بالجامع ، فلا قصور حينئذ لدعوة الامر بالجامع للناسي مع غفلته عن نسيانه المأخوذ في لسان الخطاب لبيان أفراد المكلفين بالامر بالطبيعة ، كما لا يخفى.