صحة انتزاعها من التكليف النفسي.
وبالجملة : ظاهر كلام المستشكل وإن كان يعطي أن يكون المراد من التكليف المنتزع عنه الجزئية هو التكليفي النفسي ، إلا أنه لابد من توجيهه بإرادة التكليف الغيري المتعلق بأجزاء العبادة وشرائطها (١) فيكون مبنى الاشكال على اختصاص التكاليف الغيرية بالذاكر كاختصاص التكاليف النفسية به ، فالجزئية المنتزعة من التكليف الغيري لا تعم حال النسيان ، كما أن القدر المتيقن من الاجماع القائم على جزئية الشيء الفلاني هو اختصاص الجزئية بحال الذكر.
وكأن المستشكل في ما نحن فيه اقتبس كلامه من المحكي عن الوحيد البهبهاني قدسسره من التفصيل بين الاجزاء والشرائط المستفادة من مثل قوله : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » و « لا صلاة إلا بطهور » وبين الاجزاء والشرائط المستفادة من الأوامر الغيرية ، كالأمر بالركوع والاستقبال.
ففي الأول : لا تختص الجزئية والشرطية بصورة التمكن من الجزء والشرط ، بل تعم صورة العجز عنهما ، ويلزمه سقوط التكليف بالصلاة عند العجز وعدم القدرة عليهما.
وفي الثاني : تختص الجزئية والشرطية بصورة التمكن منهما ، ويلزمه سقوط خصوص التكليف المتعلق بالجزء أو الشرط الغير المتمكن منه ، ولا يسقط
__________________
١ ـ أقول : منشأ انتزاع الشرطية والجزئية يستحيل أن يكون هو التكليف الغيري ، كيف! وهو متعلق بما هو فارغ جزئيته وشرطيته ، فكيف يكون هو منشأ انتزاعه؟ بل لا يكون منشأ انتزاع جزئية الشيء أو شرطيته إلا الامر المتعلق بالمجموع أو المقيد مع تقيده ، وهذا ليس إلا الامر النفسي القائم بالمجموع ، غاية الامر قد يستقل هذا الامر في مقام البيان قائما بموضوعه ، ولكنه ليس أمرا مقدميا ، بل هو إما قطعة من الامر النفسي القائم بالجميع أو أمر إرشادي ، وعلى فرض المقدمية فلا يكون هو المنشأ ، بل كاشف عن وجود المنشأ ، كما لا يخفى.