أولا : أن المنسي ليس هو جزئية الجزء وإلا رجع إلى نسيان الحكم وهو من أقسام الجهل به ، فيندرج في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « رفع ما لايعلمون » لا في قوله : « رفع النسيان » بل المنسي هو نفس الجزء أي الاتيان به قولا أو فعلا ومعنى نسيان الجزء هو خلو صفحة الوجود عنه وعدم تحققه في الخارج ، ولا يعقل تعلق الرفع بالمعدوم ، لما عرفت : من أن المرفوع لابد وأن يكون شاغلا لصفحة الوجود ليكون رفعه باعدامه وإخلاء الصفحة عند (١) فنسيان الجزء مما لا يتعلق به الرفع فلا يعمه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « رفع النسيان ».
وثانيا : أن محل البحث ليس هو النسيان المستوعب لتمام الوقت في الموقتات ، أو لتمام العمر في غيرها (٢) بل هو النسيان في بعض الوقت ، وسقوط الجزئية في
__________________
١ ـ أقول : قد تقدم دفع هذه الشبهة آنفا.
٢ ـ أقول : بعد فرض شمول حديث الرفع للجزء المنسي وصلاحيته لرفعه ـ كما فرض ـ يصير نتيجته أن المأتي به فاقدا عن الجزء المزبور تمام الصلاة ، ولازمه امتثال الطبيعة به ، فلا يبقى مجال لبقاء الوجوب على الطبيعة كي يجب الاتيان به وقت ذكره ، وكم فرق! بين نسيان الكل في بعض الوقت وبين نسيان الجزء مع إتيانه بالبقية.
وتوهم : أن رفع الجزء المنسي لا يقتضي الامر بالبقية ، كيف! وفيه ضيق على الأمة ، كما هو الشأن في الجزء المضطر إليه
مدفوع : بأن بقية الاجزاء بعدما كان ملزما باتيانها ولو تخييرا بحكم العقل ، فلا يحتاج الناسي في الاتيان بالبقية إلى إلزام شرعي ، وحينئذ في رفع الجزئية الموجبة لرفع وجوب الإعادة كمال المنة في حقه ، وبذلك يمتاز عن المضطر إليه في ترك الجزء.
فان قلت : سلمنا أن البقية غير محتاج إلى الامر الشرعي ، ولكن نفي وجوب الإعادة فرع كون المأتي به فردا واقعيا ، لا اعتقاديا.
قلت : يكفي في رفع فعلية الجزئية كون المأتي به تماما ، إذ يعلم منه اتكال الشارع في ذلك إلى حكم عقله بتخصيص رفعه بخصوص الجزء المنسي ، إذ ذلك كاشف عن قناعة الشارع من الصلاة بالمقدار المأتي به. نعم : الأول أن يقال ـ كما قلنا ـ إن المرفوع في هذه الفقرة وجوب التحفظ لا الوجوب أو