خصوص ما بأيدينا من الكتب ، والمعلوم بالاجمال معنى أعم من ذلك ، لان متعلق العلم هي الاحكام الثابتة في الشريعة واقعا ، لا خصوص ما بأيدينا ، والفحص فيما بأيدينا من الكتب لا يرفع أثر العلم الاجمالي ، بل العلم باق على حاله ولو بعد الفحص التام عما بأيدينا.
هذا ، ولا يخفى ما في كلا وجهي المناقشة من الضعف.
أما في الأول : فلان استعلام مقدار من الاحكام يحتمل انحصار المعلوم بالاجمال فيها لا يوجب انحلال العلم الاجمالي ، إذ متعلق العلم تارة : يتردد من أول الامر بين الأقل والأكثر ، كما لو علم بأن في هذا القطيع من الغنم موطوء وتردد بين كونه عشرة أو عشرين. وأخرى : يكون المتعلق عنوانا ليس بنفسه مرددا بين الأقل والأكثر من أول الامر ، بل المعلوم بالاجمال هو العنوان بما له في الواقع من الافراد ، كما لو علم بموطوئية البيض من هذا القطيع وترددت البيض بين كونها عشرا أو عشرين. ففي الأول ينحل العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالاجمال فيه ، كما لو علم تفصيلا بموطوئية هذه العشرة من القطيع. وفي الثاني لا ينحل العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالاجمال فيه (١) بل لابد من الفحص التام عن كل ما يحتمل انطباق العنوان المعلوم بالاجمال عليه ، لان العلم الاجمالي يوجب تنجيز متعلقه بما له من العنوان ، ففي المثال العلم الاجمالي تعلق بعنوان البيض بما له من الافراد
__________________
١ ـ أقول : لو قيل بحرمة شرب الماء من كأس زيد وتردد بين الأقل والأكثر وكذا لو ورد في الخطاب حرمة إكرام العالم السني وتردد السني بين الأقل والأكثر ، فأنشدك بالله! بأنه مع فرض انحلالية التكليف وتردده بين الأقل والأكثر من يقول بالاحتياط؟ فما أدري من أين جئ بهذه المصادرات؟ أما مسألة الطومار في الذهن فإنما هو من جهة أن إطلاق أدلة البراءة بل وحكم العقل بالقبح إنما ينظر إلى صورة كون الجهل من جهة قصور في المحل من حيث عدم تهيئة أسباب العلم قبل الفحص ، فلا يشمل ما كان أسباب العلم موجودا وإنما الجهل من جهة عدم نظره إلى الأسباب باختياره.