المأمور به خارجا ومن المقدمات الوجودية له ، ولا يتمكن المكلف من فعل الواجب عند تفويت القدرة ، فان ترك الغسل للصوم قبل الفجر أو السير للحج عند خروج الرفقة أو الطهارة للصلاة قبل الوقت يوجب عدم التمكن من إيجاد الصوم والحج والصلاة المأمور بها ويتحقق عصيان خطاب ذي المقدمة بمجرد ترك هذه المقدمات الوجودية ويستحق التارك العقاب على تفويت الواجب من زمان ترك المقدمة ، إذ بتركها يفوت الواجب لا محالة ويمتنع عليه بالاختيار ويصدق أنه فات منه الواجب ، وإن كان بعد لم يتحقق زمانه لكونه مشروطا بزمان متأخر ، ولا يكون وجوب المقدمات المفوتة مقدميا مترشحا من وجوب ذي المقدمة حتى يتوقف ذلك على الالتزام بالواجب المعلق ـ كما يظهر من بعض ـ بل وجوب المقدمات المفوتة قبل مجيء زمان الواجب إنما يكون بخطاب مستقل ، ولكن لا عن ملاك يخصه ، بل من متممات الخطاب بذي المقدمة ، على ما بين المقدمات من الاختلاف.
فان إيجاب الغسل للصوم قبل الفجر إنما هو لأجل عدم إمكان تطبيق الخطاب بالصوم على الواجد للملاك إلا بايجابه قبل الفجر ، إذ المفروض : أن للطهارة من الحدث الأكبر دخل في صحة الصوم والملاك الذي اقتضى إيجابه ، وليس الصوم إلا عبارة عن الامساك من الطلوع إلى الغروب واجدا للشرائط ، فلابد من إيجاب الغسل قبل الفجر ، ليكون الخطاب بالصوم بضميمة الخطاب بالغسل منطبقا على الواجد للملاك ، فوزان الخطاب المتعلق بالغسل قبل الفجر
__________________
وحينئذ كيف لا يكون وجوب الفحص في هذه المقامات بمناط آخر؟ وأما في غير هذه المقامات مع التمكن من الاحتياط في الواجبات التوصلية لا دليل على وجوب الفحص ، بل العقل مستقل بجواز تركه والاخذ بالاحتياط ، وحينئذ صح لنا دعوى أن مناط تفويت القدرة جار في موارد وجوب الفحص ، كما لا يخفى. نعم : لنا أن نقول : إن وجوب الفحص في الأخذ بأدلة الاحكام أو أصولها النافية شرطي لا نفسي ولا مقدمي ولا طريقي ، كما سيجيء ( إن شاء الله تعالى ).