النجاسة الموجودة في الثوب منجزة بعد غسل الجارية ، إما لأصالة الصحة في فعلها ، وإما لاعتبار قول ذي اليد ، والعلم السابق على غسل الجارية لا أثر له بعد قيام الحجة على طهارة الثوب ، مع أنه لو كان المقتضي لوجوب الإعادة هو العلم بالنجاسة السابق على الغسل لكان ينبغي إطلاق القول بوجوب الإعادة ولو كان المكلف بنفسه مباشرا للغسل ، ولم يكن وجه للتفصيل بين مباشرة الجارية للغسل وبين مباشرة نفسه.
هذا ، ولكن لا يخفى عليك أن هذه الرواية تنافي أخذ العلم موضوعا لوجوب الإعادة مطلقا ولو كان العلم مأخوذا على وجه الطريقية ، لسقوط طريقية إخبار الجارية بالتطهير ، مع أن أخذ العلم موضوعا لا يخلو عن أخذ الوجهين ، إما لكونه منجزا ، وإما لكونه طريقا. بل هذه الرواية تنافي حتى لو قلنا بأن إحراز الطهارة شرط ، لاحراز الطهارة بإخبار الجارية ، فعلى جميع التقادير يحصل المنافاة.
مع أنه يمكن أن يقال : إن العلم السابق على تطهير الجارية كان موجبا لتنجز أحكام النجاسة ، وغاية ما يقتضيه إخبار الجارية بالتطهير هو جواز الدخول في الصلاة لقيام الحجة على الخلاف ، فان إخبار الجارية لا يقتضي أزيد من المعذورية ، وأما وجوب الإعادة : فيكفي فيه العلم بالنجاسة وتنجز أحكامها قبل الصلاة ، فالموضوع لوجوب الإعادة قد تحقق ، وأصالة الصحة في تطهير الجارية لا توجب رفع الموضوع ، لعدم العلم بزوال النجاسة. وهذا بخلاف ما لو كان المكلف هو المباشر للتطهير ، فإنه بمباشرته يعلم بزوال النجاسة فيرتفع وجوب الإعادة ، فتأمل (١).
__________________
١ ـ وقد يختلج في البال : أن الوجه في حكم الامام عليهالسلام بالإعادة عند إخبار الجارية بالتطهير وعدم الإعادة عند مباشرة المكلف للتطهير ، هو أن الجارية لم تبالغ في التطهير ـ كما هو المفروض في الرواية ـ والمكلف كان ملتفتا إلى عدم مبالغة الجارية في التطهير فلم يحصل للمكلف ما يجوز له الدخول في الصلاة ، ولا تجري أصالة الصحة في تطهير الجارية مع التفات المكلف إلى تقصيرها في