القصر والاتمام في المواطن الأربعة. وإن لم يكن المأتي به واجدا للمصلحة فلا وجه لقناعة الشارع به.
توضيح الدفع : هو أن المأتي به في حال الجهل لابد وأن يكون واجدا للمصلحة ، لكشف دليل الاجزاء عن ذلك ، ولكن مصلحته إنما تكون في طول مصلحة الواقع ، لان المصلحة إنما تقوم به بشرط أن يكون الاتيان به على وجه الامتثال للواقع ، فلا يمكن الامر به تخييرا.
والحاصل : أن المأمور به الواقعي لا يمكن أن يكون واجدا للمصلحة في حال الاتيان بالعمل المجزي عنه ، فان قيام المصلحة به في هذا الحال يستلزم إطلاق الامر به ، ومعه لا يمكن أن يكون غيره مجزيا عنه ، فلابد وأن تكون المصلحة القائمة بالمأمور به الواقعي مقصورة بغير هذا الحال ، ويلزمه أن يكون الامر به مقيدا بغير هذا الحال ، لكن لا بالتقييد اللحاظي بل بنتيجة التقييد ، فان القيود اللاحقة للامر في مرحلة الامتثال لا يمكن فيها التقييد اللحاظي ، كقصد التقرب وكالعلم والجهل بالحكم لا الموضوع ، فان تقييد الامر بالعلم والجهل بالموضوع بمكان من الامكان ، فلا مانع من أخذ العلم بالنجاسة أو غير المأكول قيدا في الامر بالصلاة ، إلا أن ذلك يرجع إلى الوجه الأول ، وقد عرفت ضعفه.
وأما على الوجه الثالث : وهو القناعة بما يقع امتثالا عن الواقع ، فلا يمكن فيه التقييد اللحاظي ، فان رتبة هذا القيد متأخرة عن وجود الامر ، فهو من الانقسامات اللاحقة للامر بعد وجوده ، وفي هذا الطائفة من القيود لابد من نتيجة التقييد ، ونعني بنتيجة التقييد اختصاص الملاك والمصلحة الواقعية بتقدير دون تقدير ـ كما في المقام ـ حيث إن مصلحة الامر الواقعي مقصورة بغير صوره الاتيان بالعمل المجزي عن الواقع.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن الموارد التي قام الدليل فيها على الاجزاء وسقوط الإعادة والقضاء ـ كموارد تبدل الاجتهاد أو التقليد حيث ادعي الاجماع