الاحكام الواقعية للأشياء بعناوينها الأولية ، كقوله تعالى : « وأحل لكم ما في الأرض جميعا » ولكن الغاية المذكورة في الذيل توجب هدم ظهور الصدر في ذلك ، فان الحكم الواقعي لا يكون مغيى بالعلم بالخلاف ، بل غاية الحكم الواقعي إنما
__________________
نظير ظاهر أداة الشرط يكون القيد في المقام راجعا إلى النسبة الحكمية ، لا الموضوع ولا المحمول ، فكان مثل هذه القيود مبينة لايقاع نسبة خاصة بين ذات الموضوع والمحمول ، ومثل هذه النسبة حيث إنه في ظرف الجهل كانت نسبة ظاهرية ، فقهرا يصير المحمول أيضا حكما ظاهريا ثابتا للذات المحفوظة في هذه المرتبة ، فيدل اللفظ على أن الطهارة ثابتة للذات بثبوت مستمر في ظرف الشك بالحكم إلى ظرف العلم بخلافه ، ولا يكاد حينئذ إلا استفادة القاعدة ، وإلا ففي الاستصحاب لابد وأن يكون ثبوت الحكم في مرتبة والاستمرار في مرتبة أخرى ، وهو خلاف ظهور الرواية في اتحاد رتبة ثبوت الحكم واستمراره حقيقة ، كما لا يخفى. ولئن اغمض عن ذلك ، فلا قصور في إرادة الجامع مع بين الذاتين في رتبتين موضوعا ومحمولا بنحو الدالين والمدلولين ثم إرادة استمرار هذا المحمول في الرتبة المتأخرة عناية الملازم مع الفراغ عن الثبوت في الرتبة السابقة ، فيستفاد حينئذ منها القواعد الثلاث من الخبر بلا محذور اجتماع اللحاظين في استعمال واحد ، كما أفاده شيخنا الأعظم ، فتدبر.
ومن التأمل فيما ذكرنا ترى في بيان المقرر مع تطويله مواقع النظر : منها : خيال لزوم تقيد الموضوع بعنوان المشكوكية في الحكم الظاهري. وهو كما ترى! لامكان كون الشك المزبور جهة تعليلية غير موجبة لتقيد الذات بالوصف المزبور.
ومنها : خيال أن لازم استفادة الاستصحاب جعل مفاد الغاية جملة مستقلة وقطعها عما قبله. مع أنه ليس كذلك ، إذ يكفي فيه كون لسان استمرار الثابت في الرتبة المتأخرة عن ثبوته ولو بالعناية. وبعبارة أخرى : للمتكلم نظران : نظر إلى ثبوت الطهارة للذات في قوله : « طاهر » ونظر إلى استمراره إلى زمان العلم في قوله : « حتى » مع كون نظره الثاني من تبعات النظر الأول حسب تبعية استمرار الشيء لثبوته ، بلا كونه في مقام استعمال « حتى » إلى استقلال مفاده عن سابقه كي يخرج عن الحرفية إلى الاسمية ، فتدبر.
ومنها : قوله : عدم إمكان إرادة الأعم من الموضوع والمحمول من الحكم الواقعي والظاهري. إذ ذلك إنما يصح في فرض كون الرواية في مقام إنشاء الحكمين بهذا الكلام لموضوع واحد ومحمول فارد ، وأما لو كان الكلام بنحو الدالين حاكيا عن إنشائات متعددة فلا باس فيه ، مع أنه لو كان منشأ بهذا لا بأس بأن ينشأ الفردين من الطبيعة لفردين من الذات بلحاظ الرتبتين بنحو الدالين والمدلولين ، وحينئذ فلا قصور في إطلاق الذات في الموضوع والمحمول للفردين بنحو الدالين والمدلولين ، فتدبر.