وأما عدم حجيته في الشك في المقتضي ـ بالمعنى المتقدم ـ فلعدم صدق النقض عليه ، فلا يعمه قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك » وتوضيح ذلك : هو أن إضافة النقض إلى اليقين إنما تكون باعتبار ما يستتبع اليقين من الجري على ما يقتضيه المتيقن والعمل على وفقه (١) وليست إضافة النقض إلى اليقين باعتبار صفة اليقين والحالة المنقدحة في النفس بما هي هي ، بداهة أن اليقين من الأمور التكوينية الخارجية وقد انتقض بنفس الشك ، فلا معنى للنهي عن نقضه. وليس المراد من عدم نقض اليقين عدم نقض الآثار والأحكام الشرعية المترتبة على وصف اليقين ، فإنه لم يترتب حكم شرعي على وصف
__________________
١ ـ أقول : لو كان معنى عدم نقض اليقين عبارة عن ترتيب آثر الواقع المترتبة عليه ببركة اليقين بحيث يكون اليقين سببا للجري على وفق الواقع ـ كما هو الشأن في اليقين الطريقي ـ فكيف يقوم الاستصحاب مقام العلم الجزء الموضوعي؟ كما أن المعرفة المأخوذة غاية للحلية تمام الموضوع في القضية بلا دخل للحرمة الواقعية في النجاسة أبدا ، وفي مثله لا معنى لترتيب آثار الواقع على العلم به. ومع هذا لا مجال لثبوت العلم التنزيلي إلا بترتيب آثار نفس العلم ، لا آثار الواقع المترتب عليه ببركة العلم ، كيف وهذا المقدار لا يفي لقيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي رأسا ، إذ هذا القيام فرع تنزيل العلم وهو فرع كون نظر دليل التنزيل إلى آثار نفس العلم لا آثار الواقع المترتب عليه ببركة العلم ، وحينئذ لا محيص من أن يرجع النهي عن النقض إلى الامر بالمعاملة مع اليقين الزائل معاملة الباقي بلا دخل لاقتضاء الواقع فيه أبدا ، كما هو الشأن في العلم الموضوعي ، خصوصا ما كان تمام الموضوع ، كما لا يخفى. وحينئذ لا محيص من كون المصحح لإضافة النقض إلى اليقين هو نفس استحكام اليقين وكونه بنحو لا يزول بتشكيك المشكك ولا ينقضه الشك. فكان السر أيضا في تبديل القطع والعلم في المقام باليقين بملاحظة ما فيه من نحو استحكام وإبرام ليس فيهما ، لا من جهة غلبة استعمال اليقين في مورد ترتيب آثار الواقع دون العلم والقطع ، كما توهم ، وحينئذ مآل [ عدم ] نقض [ اليقين ] عدم صلاحية اليقين للتشكيك وأن العلم في باب الاحكام يقين لا يزول بالتشكيك ولا ينقضه الشك وأن المكلف مأمور بالمعاملة مع اليقين الزائل معاملة الباقي ، من دون فرق بين كون ذلك بلحاظ آثار نفس اليقين أو الآثار المترتبة على الواقع بواسطة اليقين ، كما أن عدم نقضه من جهة أن يقينه غير قابل للتشكيك من دون فرق بين كون وجه التشكيك من ناحية المقتضي أو المانع ، فتدبر واغتنم.