النقض على اليقين بعناية المتيقن ، لان المتيقن لا يقتضي الجري العملي حتى يكون رفع اليد عنه نقضا لليقين بالشك ، والشك في اقتضاء المتيقن للبقاء يوجب الشك في صدق النقض عليه ، فلا يندرج في عموم قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك ».
وبتقريب آخر : يتوقف صدق نض اليقين بالشك على أن يكون زمان الشك مما فد تعلق اليقين به في زمان حدوثه ، بمعنى : أن الزمان اللاحق الذي يشك في بقاء المتيقن فيه كان متعلق اليقين عند حدوثه ، وهذا إنما يكون إذا كان المتيقن مرسلا بحسب الزمان لكي لا يكون اليقين بوجوده من أول الامر محدودا بزمان خاص ومقيدا بوقت مخصوص ، وإلا ففيما بعد ذلك الحد والوقت يكون المتيقن مشكوك الوجود من أول الامر ، فلا يكون رفع اليد عن آثار وجود المتيقن من نقض اليقين بالشك ، لان اليقين ما كان يقتضي ترتيب أثار وجود المتيقن بعد ذلك الحد ، فكيف يكون رفع اليد عن الآثار من نقض اليقين بالشك؟ ألا ترى : أنه لو علم أن المتيقن لا يبقى أزيد من ثلاثة أيام ففي اليوم الرابع لا يقال : انتقض اليقين بالوجود بيقين آخر بالعدم ، فان اليوم الرابع ما كان متعلق اليقين بالوجود من أول الامر حتى يقال : انتقض اليقين بيقين آخر ، وهذا بخلاف ما إذا حدث في اليوم الثالث أمر زماني ـ من مرض وقتل ونحو ذلك ـ أوجب رفع المتيقن ، فإنه يصح أن يقال : إنه انتقض اليقين بالوجود بيقين العدم.
وبالجملة : لا إشكال في أن العناية المصححة لإضافة النقض إلى اليقين إنما هي لكون اليقين يقتضي الجري والحركة نحو المتيقن ، وهذا إنما يكون إذا كان المتيقن مما يقتضي الجري والحركة على ما يستتبعه من الآثار الشرعية والعقلية ، فلابد وأن يكون للمتيقن اقتضاء البقاء في الزمان الذي يشك في وجوده ليقتضي ذلك ، ولابد من إحراز اقتضائه للبقاء ، فالشك في وجود المتيقن لأجل الشك في