بمنزلته (١) بناء على ما هو الحق عندنا : من قيام الطرق والأصول المحرزة مقام القطع الطريقي.
ولا ينبغي أن يتوهم أن اليقين في قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك » لوحظ من حيث كونه صفة قائمة في النفس ، بل إما أن يكون ملحوظا من حيث كونه طريقا وكاشفا عن المتيقن ، وإما من حيث كونه موجبا لتنجيز الاحكام عند المصادفة والمعذورية عند المخالفة ـ على ما تقدم سابقا من أنه يمكن أخذ العلم موضوعا من حيث اقتضائه التنجيز والمعذورية ـ فعلى الأول : تقوم الطرق والأصول المحرزة مقامه ، وعلى الثاني : تقوم مطلق الأصول ولو كانت غير محرزة مقامه (٢) بالبيان المتقدم في بعض الأمور السابقة.
فلو قام طريق أو أمارة على ثبوت حكم أو موضوع ذي حكم ثم شك في بقاء الحكم أو الموضوع الذي أدت إليه الامارة والطريق ، فلا مانع من استصحاب بقاء مؤدى الامارة والطريق ، لان المستصحب قد أحرز بقيام الامارة عليه ، خصوصا بناء على ما هو الحق عندنا : من أن المجعول في باب الطرق والامارات هو نفس الطريقية والاحراز والوسطية في الاثبات ـ على ما تقدم بيانه في مبحث الظن ـ فيكون المستصحب محرزا بأدلة حجية الامارات ، وهذا مما لا ينبغي الاشكال فيه.
نعم : ربما يستشكل في استصحاب مؤدى الاستصحاب ( أي استصحاب
__________________
١ ـ أقول : الأولى أن يقال : إن المراد من اليقين المنقوض والناقض في باب الاستصحاب هو اليقين الوجداني ، كحيوة زيد في كبرى دخلها في حرمة زوجته وتقسيم أمواله ، وإنما يوسع هذا اليقين بعناية التنزيل وتتميم الكشف في باب الامارات بلسان الحكومة ، كما يوسع دائرة الحياة بالامارة أو الأصل المحرز لها ، وإلا فلو كان المراد من اليقين في المقام مطلق الاحراز يلزم ورود الامارة عليه لا حكومته ، ولا أظن التزامه به ، فتدبر.
٢ ـ أقول : قد تقدم منا الاشكال في هذه الصورة سابقا ، فراجع.