__________________
شخصي ، وهو كما ترى! وإن أريد وجوده في ضمن الفرد بوجود نوعي أو جنسي ، فهو أغلط ، إذ لا وجود للكلي بوصف كليته الصادقة على الكثيرين في الخارج ، بل لا صقع لهذا النحو من الموجود إلا الذهن ، ولذا اشتهر بأن الكلي ما لم يتشخص لم يوجد ، فلا محيص لك إلا أن تقول : بأن الطبيعي بعروض التشخصات عليه يتكثر بحيث يصير مع كل شخص حصة من الطبيعي غير الحصة الأخرى مع شخص آخر ، غاية الامر هذه الحصص بواسطة وحدتها السنخية مع الآخر يصير منشأ انتزاع مفهوم واحد ، ويجئ في الذهن بنحو الكلية الصادقة على الكثيرين ، وإلى هذا المعنى يشار بقولهم : إن الطبيعي مع الافراد كنسبة الآباء للأولاد ، لا كالأب الواحد.
فان قلت : إن الوحدة السنخية بين الأبين الذي هو منشأ انتزاع مفهوم واحد منهما بعدما كانت حصة زائدة عن الحصتين فلا محيص من وجودها خارجا ، وإلا فلا سنخية بينهما خارجا ، ومع عدمها كيف ينتزع مفهوم واحد عنهما فيعبر عنه بالجامع بينهما؟.
قلت : لا نسلم كونها جهة زائدة بنحو يكون لها وجود زائد عن وجود الحصتين خارجا بل جهة ذاتية لهما وأن وجودها عين وجود الحصتين لا بوجود زائد عنهما ، وحينئذ صح لنا أن نقول : إن ما هو منشأ انتزاع مفهوم واحد ليس إلا هذه الحيثية التي لا وجود لها في الخارج علاوة عن وجودات الحصص الضمنية ، بل كان موجودا في الخارج بعين وجودات الحصص بلا وجود مستقل لها خارجا ، ولعله إلى ذلك نظر من قال : بأن وجوده بمعنى وجود أشخاصه ، وأن غرضه من أشخاص الحصص الموجود في ضمن الافراد ، لا نفسها ، وإلا فبالنسبة إليها كان وجود الكلي ضمنيا لا عينيا ، كما لا يخفى. كما أن القائل بالانتزاع عن الفرد لابد وأن يريد ذلك ، وإلا كيف يعقل انتزاع مفهوم واحد عن خصوصيات متبائنة؟ وحينئذ مرجع القولين من الأصالة والانتزاع في الكلي إلى شيء واحد. وعلى أي تقدير : لا يكون متعلق العلم الاجمالي إلا الجامع المردد وجوده في الخارج في أحد الحصتين ، فيجئ ما أفيد من الاشكال في الفرد المردد ، وإلا منع جريان هذا الاشكال في المقامين ، بتوضيح : أن « اليقين » في المقامين إنما تعلق بعنوان إجمالي محتمل الانطباق على كل واحد من العناوين التفصيلية ، بلا سرايته إلى تلك العناوين ، كما أن الشك في الأول متعلق بتلك العناوين التفصيلية بلا سرايته إلى العنوان الاجمالي. وحينئذ نقول : إن المعلوم في المقامين هو نفس الجامع المردد انطباقه على أحد الأطراف ، ففي الآن الثاني ولو من جهة الشك في انطباقه على الباقي والزائل أيضا يشك ببقاء العنوان الاجمالي المردد انطباقه على العنوان التفصيلي المعلوم الارتفاع ، فمعنى الشك في بقاء فرد مردد مرجعه إلى الشك ببقاء عنوان الفرد المردد انطباقه على المعلومين كالعلم به سابقا ، لا أن معنى الفرد المردد كون المشكوك بجميع عناوينه