بل يكون كاستصحاب الفرد المردد الذي قد تقدم المنع عن جريان الاستصحاب فيه عند ارتفاع أحد فردي الترديد ، فلو علم بوجود الحيوان الخاص في الدار وتردد بين أن يكون في الجانب الشرقي أو في الجانب الغربي ثم انهدم الجانب الغربي واحتمل أن يكون الحيوان تلف بانهدامه أو علم بوجود درهم خاص لزيد فيما بين هذه الدراهم العشر ثم ضاع أحد الدراهم واحتمل أن يكون هو درهم زيد أو علم بإصابة العباء نجاسة خاصة وتردد محلها بين كونها في الطرف الأسفل أو الاعلى ثم طهر طرفها الأسفل ، ففي جميع هذه الأمثلة استصحاب بقاء المتيقن لا يجري ، ولا يكون من الاستصحاب الكلي ، لان المتيقن السابق أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه ، وإنما الترديد في المحل والموضوع (١) فهو أشبه باستصحاب الفرد المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد ، وليس من الاستصحاب الكلي. ومنه يظهر الجواب عن الشبهة العبائية المشهورة (٢).
__________________
الحدث للصلاة أو النجاسة لها القائمة بصرف وجودها ، ومن الثاني نجاسة الملاقي ، فإنه من آثار كون الملاقى نجسا بحكم سراية النجاسة من الملاقى ( بالفتح ) إلى الملاقي ، وحينئذ بالنسبة إلى المانعية لا بأس باستصحاب جامع النجاسة المرددة في تطبيقه على القطعة الزائلة أو الباقية. وأما بالنسبة إلى نجاسة الملاقي ( بالكسر ) فلا مجال لاستصحاب جامع محكوم بالنجاسة بنحو مفاد كان الناقصة ، لان النجاسة ليست من آثار جامع القطعتين ، كما تقدم ، واستصحاب نجاسة هذه القطعية الشخصية المرددة داخل في استصحاب الفرد المردد ، ووجود نجاسة القطعتين بنحو مفاد كان التامة ليس من آثار نجاسة الملاقي ، كما أشرنا كما لا يخفى ، فتدبر فيه تعرف قدره.
١ ـ أقول : لا إشكال في المثال الأول في عدم الترديد في هويته ، ولكن لا شبهة في الترديد في وجوده ، وهو يكفي في استصحابه. وأما المثالين الأخيرين فلا محيص من الترديد في هويته الفاقد لا محله ، كما أشرنا إليه آنفا ، فتدبر.
٢ ـ وهي أنه لو علم بنجاسة أحد طرفي العباء من الأسفل أو الاعلى ثم طهر الطرف الأسفل ، فطهارة الطرف الأسفل يوجب الشك في بقاء النجاسة في العباء ، لاحتمال أن تكون النجاسة المعلومة قد أصابت الطرف الأسفل ، فيجري استصحاب بقاء النجاسة في العباء ، ويلزمه القول بنجاسة الملاقي