أنه لو لم يجتمع في الحيوان شرائط التذكية : من فري الأوداج الأربعة بالحديد مع التسمية مواجها للقبلة مع كون الذابح مسلما ، كان الحيوان ميتة وإن لم يصدق عليه « الموت حتف الانف » كما إذا اجتمع فيه الشرائط ما عدا التسمية ، فان الحيوان ميتة مع أن موته ليس بحتف الانف ، فالميتة عبارة عن « غير المذكى » لا « الموت حتف الانف » فاستصحاب عدم التذكية يكون محرزا لموضوع الحرمة والنجاسة ، لان الموضوع لهما هو الامر العدمي لا الامر الوجودي حتى يتوهم التعارض بين أصالة عدم التذكية وأصالة عدم الموت حتف الانف ، ليرجع إلى أصالة الطهارة والحل ، بل عدم الموت حتف الانف لم يكن موضوعا لحكم حتى يجري الأصل فيه ، فأصالة عدم التذكية لا معارض لها.
وأما في الوجه الثاني : فلان دعوى التغاير بين عدم التذكية في حال حياة الحيوان وبين عدم التذكية في حال زهوق روحه واضحة الفساد ، بداهة أن نفس عدم التذكية في حال الحياة مستمر إلى حال خروج الروح ، وليس حال الحياة وحال زهوق الروح قيدا للعدم لينقلب العدم في حال الحياة إلى عدم آخر ، بل الحياة وخروج الروح من حالات الموضوع لا القيود المقومة له ، فمعروض عدم التذكية إنما هو الجسم والجسم باق في كلا الحالين.
وبالجملة : تذكية الحيوان من الأمور الحادثة المسبوقة بالعدم الأزلي ، وهو مستمر إلى زمان خروج الروح ، غايته أن عدم التذكية قبل وجود الحيوان إنما هو العدم المحمولي المفارق بمفاد ليس التامة ، وهذا ليس موضوعا للنجاسة والحرمة ، بل الموضوع لهما هو العدم النعتي بمفاد ليس الناقصة ، فان معروض الحلية والطهارة والحرمة والنجاسة هو الحيوان المذكى والحيوان الغير المذكى ، فالعدم الأزلي السابق على وجود الحيوان ليس موضوعا للحكم فلا أثر لاستصحابه ، ولكن استمرار العدم الأزلي إلى زمان وجود الحيوان يوجب انقلاب العدم من المحمولية إلى النعتية ومن مفاد ليس التامة إلى مفاد ليس الناقصة.