يجري فيه استصحاب الطهارة.
فظهر : أن حديث أخذ الموضوع من العرف في باب الاستصحاب وكون وصف العنبية والزبيبية من الخصوصيات التي لا تضر تبادلها ببقاء الموضوع عرفا أجنبي عن المقام ، فإن أخذ الموضوع في باب الاستصحاب من العرف إنما هو بعد الفراغ عن تشخيص مفهوم الموضوع الذي رتب عليه الحكم في لسان الدليل وتعيين ما ينطبق عليه المفهوم وبعد ثبوت الحكم على موضوعه ، وأين هذا مما نحن فيه : من استصحاب نجاسة العنب وحرمته عند صيرورته زبيبا قبل فرض غليانه؟ مع أن النجاسة والحرمة إنما يعرضان للعنب المغلي ، فقبل غليان العنب لا نجاسة ولا حرمة ، والحرمة والنجاسة التقديرية قد عرفت أنه لا معنى لاستصحابها ، فأين المتيقن وما المستصحب؟ فيبقى نجاسة الزبيب المغلي وحرمته مشكوكة الحدوث ، فان الزبيب المغلي غير العنب المغلي كمغايرة الفحم للحطب ، فلا يعمه أدلة نجاسة العنب المغلي وحرمته.
هذا كله إذا أراد القائل بالاستصحاب التعليقي استصحاب نفس الحرمة والنجاسة العارضتين على العنب المغلي. وإن أراد به استصحاب الملازمة بين الغليان والنجاسة والحرمة وسببيته لهما ، كما يظهر من كلام الشيخ قدسسره ففيه :
أولا : أن الملازمة بين غليان العنب ونجاسته وحرمته وإن كانت أزلية تنتزع من جعل الشارع وانشائه النجاسة والحرمة على العنب المغلي أزلا ويكون انقلاب العنب إلى الزبيب منشأ للشك في بقاء الملازمة ، إلا أنه قد عرفت في الأحكام الوضعية : أن الملازمة والسببية لا يعقل أن تنالها يد الجعل الشرعي ، فلا يجري استصحاب بقاء الملازمة والسببية في شيء من الموارد ، لان المستصحب لابد وأن يكون حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي (١). والعجب
__________________
١ ـ أقول : المراد من الحكم الشرعي في باب الاستصحاب ما كان أمر رفعه ووضعه بيد الشارع ،