الحكم الشرعي بلا واسطة عقلية وعادية.
نعم : إذا ورد في مورد بالخصوص التعبد بأصل مع أنه ليس لمؤداه أثر شرعي إلا بواسطة عقلية أو عادية ، فلابد من ثبوت الأثر الشرعي وإلا يلزم لغوية التعبد بالأصل ، وأين هذا من الأصول العملية التي قد يتفق فيها عدم الأثر للمؤدى إلا بواسطة عقلية أو عادية؟ فإنه لا يلزم من عدم جريان الأصل فيما يتفق فيه ذلك لغوية التعبد بالأصل ، لأنه يكفي في صحة التعبد به جريانه في سائر الموارد مما كان المؤدى فيها بنفسه أثرا شرعيا أو ترتب عليه أثر شرعي بلا واسطة عقلية أو عادية.
وبالجملة : بعدما كان المجعول في الأصول العملية مجرد تطبيق العمل على مؤدى الأصل ، فلا يمكن أن يثبت به الأثر الشرعي الذي يتخلل بينه وبين المؤدى واسطة عقلية أو عادية (١) وكذا لا يمكن أن يثبت به ملزوم المؤدى أو ما يلازمه شرعا ، فان التعبد بالبناء العملي على ثبوت مؤدى الأصل لا يلازم التعبد بالبناء العملي على ثبوت الملزوم أو ما يلازم المؤدى ، فلو كان مؤدى الأصل جواز الصلاة في الجلد المشكوك كونه من مأكول اللحم ، فلا يثبت به حلية
__________________
١ ـ أقول : الأولى في وجه عدم مثبتية الأصول أن يقال : إن دليل الأصل منصرف إلى تطبيق القضايا الشرعية المترتبة على المؤدى ، وإلا فمن حيث إمكان الاطلاق فلا قصور فيه ، كيف! ولنا أن نقول : إنه ما المراد من تطبيق العمل على مؤدى الأصل؟ فان كان المراد تطبيق العمل عليه بجميع لوازمه فعدم شموله للوازم العقلية والشرعية المترتبة عليها صحيح ، لكن لازمه عدم شمول دليل التعبد اللوازم الشرعية المترتبة على اللوازم الشرعية الخارجة عن محل الابتلاء في زمان ورود التعبد بالمؤدى ، وإن كان المراد تطبيق العمل عليه في الجملة ـ ولو بانتهاء الامر بالآخرة إلى الأثر الشرعي ـ فالتفكيك بين اللوازم العقلية والشرعية الخارجة عن محل الابتلاء بعد اشتراكهما بالآخرة في ترتيب العمل وتطبيقه لا وجه [ له ] فتوهم : معقولية أحدهما دون الآخر غير وجيه. ومن هنا ظهر أيضا : بطلان توهم أن التنزيل لابد وأن يكون بلحاظ جعل المماثل للأثر بلا واسطة ، إذ كيف يعقل جعل الأثر للخارج عن محل الابتلاء؟ كما لا يخفى ، فتدبر.