ومما ذكرنا يظهر : ضابط الموضوعات المركبة التي يمكن إحراز أجزائها من ضم الوجدان بالأصل ، فان التركيب إن كان من غير العرض ومحله أمكن إحراز أحد جزئيه بالوجدان والآخر بالأصل إن لم يكن للعنوان المتولد من اجتماع الجزئين في الزمان دخل في الحكم ، وإلا فضم الوجدان بالأصل لا يمكن أن يثبت العنوان المتولد إلا على القول بالأصل المثبت.
وأما إذا كان التركيب من العرض ومحله : فلا يمكن أن يلتئم الموضوع من ضم الوجدان بالأصل الذي يكون مؤداه نفس وجود العرض أو عدمه بمفاد كان وليس التامتين ، فإنه لا يثبت به عنوان التوصيف إلا إذا كان نفس التوصيف وقيام العرض بالمحل بمفاد كان وليس الناقصتين مؤدى الأصل ، وعلى ذلك يبتني عدم جريان أصالة عدم قرشية المرأة عند الشك فيها ، لان توصيف المرأة بالقرشية ليس مؤدى الأصل ، فان المرأة حال وجودها إما أن تكون قرشية وإما أن لا تكون ، وجريان أصالة عدم القرشية بمفاد ليس التامة لا يوجب
__________________
والسلب من شؤون النسبة : من كونها ربطا ايجابيا تارة وربطا سلبيا أخرى ، نظير الفصل والوصل : من كونهما ربطين متقابلين. وحينئذ فلا يقتضي القضية السالبة المحصلة ـ التي هي مفاد ليس الناقصة ـ إلا سلب اتصاف الذات بالوصف لا الاتصاف بسلب الوصف ، كما هو ظاهر ، وما يمتنع عن استصحاب الاعدام الأزلية هو الثاني لا الأول ، كما لا يخفى.
وتوهم : أن النسبة ولو سلبية يقتضي وجود الموضوع خارجا ، ممنوع أشد المنع ، إذ في النسب الايجابية بعدما كانت حاكية عن وقوع الاتصاف بالوصف الذي هو لازم وجود الموصوف يقتضي وجوده عقلا ، وهذا بخلافه في القضية السلبية ونسبتها ، إذ لا يقتضي مثل هذه النسبة وجود شيء خارجا. والسر فيه : هو أن وقوع هذا السلب خارجا ليس إلا عين نقيض الاثبات خارجا ، ومن المعلوم : أن نقيض كل معلول كما أنه بعدم نفسه كذلك أيضا بعدم علته ، كما هو الشأن في جميع المعروضات بالنسبة إلى عوارضها ، غاية الامر هذا العدم قائم بذات الشيء ، وفي المقام أيضا هذه النسبة السلبية قائمة بذات الموضوع كقيامه بذات المحمول ، وإن كان بينهما فرق من جهة أن النسبة السلبية دائما يلازم في الخارج عدم المحمول ، بخلافه في طرف الموضوع ، فإنه لا يلازم عدمه ، بل يجتمع مع وجوده تارة ومع عدمه أخرى ( والله العالم ).