للعلم الاجمالي إذا كان بعض أطرافه خارجا عن مورد الابتلاء
وتوضيح ذلك : هو أن المطلوب في باب النواهي مجرد الترك واستمرار العدم وعدم نقضه بالوجود ، كما أن المطلوب في باب الأوامر هو مجرد الفعل ونقض العدم الأزلي ، ولا إشكال في اعتبار القدرة العقلية على كل من طرفي الفعل والترك في صحة كل من الأمر والنهي وإلا لزم التكليف بما لا يطاق أو بتحصيل الحاصل ، ففي اعتبار القدرة العقلية يشترك الأمر والنهي ، ولكن يختص النهي بقيد زائد ، وهو أنه يعتبر في صحته مضافا إلى القدرة العقلية على الفعل المنهي عنه القدرة العادية عليه ، بحيث يتمكن المكلف عادة من نقض العدم وفعل المنهي عنه ، ولا يكفي في صحة النهي مجرد القدرة العقلية على الفعل ، لاستهجان التكليف بترك مالا يقدر على فعله ، فان الترك حاصل بنفسه. والتكليف المطلق بترك ما يكون منتركا عادة يكون كالتكليف المطلق بترك ما يكون منتركا عقلا من حيث اللغوية والاستهجان ، فلا يصح النهي المطلق عن شرب الخمر الموجود في أقصى بلاد الهند مع عدم إمكان الابتلاء به عادة.
نعم : يصح النهي عنه مقيدا بصورة حصول القدرة العادية ولو على خلاف العادة (١) وإنما زيد هذا القيد في خصوص النواهي ولم يعتبر في الأوامر التمكن
__________________
١ ـ أقول : بعد النتيجة بحسب المقدمات وخروجها عن حيز العادة ربما يوجب استهجان الخطاب ولو بنحو المشروط ، مثل أن يقال لشخص فقير : بأنك إذا صرت سلطانا لا تحكم بين الناس بظلم ، أو لعنين : إذا صار لك ولد لا تسمه باسم كذا ، مع إمكان صيرورة الولد له بشفائه ، مع بعده عنه عادة لا عقلا.
ثم إن مناط استهجان الخطاب إنما هو بعدم صلاحيته للدعوة إلى المتعلق لبعد تمكنه منه عادة ، بحيث يرى العرف مثل هذا الشخص أجنبيا عن هذا الفعل فعلا ، من دون فرق بين كون خطابه أمرا أو نهيا ، وكون الغرض من الامر إيجاده ومن النهي تركه لا يجدي فرقا في رفع استهجان الخطاب إلى من هو أجنبي عن العمل ، ويرونه العرف بحسب العادة غير قادر عليه ، كما لو قيل لشخص قبل تزوجيه : ارفق مع زوجتك ، في ظرف لا يكون له أسباب الزواج مهياء عادة.