الوجوب ، ولذا قلنا : إنه لا يجري استصحاب العدم الأزلي بعد الزوال ، خلافا للفاضل النراقي رحمهالله سواء كان الزوال قيدا لوجوب الجلوس أو ظرفا ، خلافا للشيخ قدسسره على ما تقدم تفصيله.
وبالجملة : لا معنى لاتصال اليقين بالشك إلا بأن لا يتخلل بينهما يقين آخر بالخلاف. وليس اتصال الشك باليقين من الأمور الواقعية التي يدخلها الشك ، بل هو من الأمور الوجدانية التي يعرفها كل أحد ، فإن الأمور الوجدانية تتبع الوجدان ، فكل شخص يعرف أن شكه متصل بيقينه أو منفصل عنه.
نعم : انفصال الشك عن اليقين أو اتصاله به قد يكون واضحا ـ كالمثال المتقدم ـ وقد يكون خفيا ، ولا بأس بتوضيح ذلك بمثال ، وهو أنه لو كان إناء في الطرف الشرقي من الدار وإنا آخر في الطرف الغربي وعلم تفصيلا بنجاسة كل منهما ثم أصاب أحدهما المطر ، فتارة : يعلم تفصيلا بإصابة المطر لخصوص ما كان في الطرف الشرقي ، وأخرى : لا يعلم بذلك ، بل يعلم إجمالا بإصابة المطر لاحد الانائين ، وعلى الأول ـ فتارة : يكون الاناء الواقع في الطرف الشرقي متميزا عن الاناء الواقع في الطرف الغربي ومعلوما بالتفصيل حال إصابة المطر له ، بأن كان بمنظر من الشخص ثم طرء عليه الترديد والاجمال واشتبه بالاناء الغربي (١) وأخرى : لا يكون الاناء الشرقي متميزا عن الاناء الغربي حال إصابة
__________________
١ ـ أقول : لا يحتاج في بيان التفصيل بين الموارد من حيث فصل اليقين وعدمه بخياله بضرب الشرق بالغرب وعكسه ، بل نقول : بأن المعلوم بالاجمال تارة : العنوان الاجمالي المردد بينهما ، ك « أحدهما » وأخرى : العنوان التفصيلي المردد انطباقه على أحدهما ، ك « إناء زيد » مثلا ، وذلك أيضا تارة ، بفرض طرو الترديد بعدما علم انطباقه تفصيلا ، وأخرى : بفرض الترديد من الأول مقارنا للعلم ، وبعد ذلك نقول : فاسمع أولا بأن ما هو متعلق الانكشاف بالمقدار الذي تعلق به الانكشاف التام يستحيل وقوع الترديد فيه ، فالعلم بأي عنوان من العناوين يضاد الشك فيه ، ولذا قلنا كرارا : بأنه لابد من التمييز بين معروض العلم ومعروض الشك والترديد في جميع المقامات ، من دون فرق في ذلك بين العناوين العرضية الاجمالية أو الذاتية التفصيلية ، ومن هذه الجهة حققنا بأن متعلق العلم الاجمالي في جميع المقامات لابد